وثانياً ـ انَّ الإطلاق المنتج للمفهوم فيما إذا كان الوصف علّة منحصرة بالمعنى المتقدم للعلّية أي مجرد كونه مأخوذاً في الموضوع ثبوتاً انما هو الإطلاق بمعنى تمام الحصص لا الطبيعة بما هي ، وهذا على ما تقدم مئونة زائدة لا تثبتها مقدمات الحكمة.
وثالثاً ـ لو افترضنا انَّ العلّية الانحصارية قد استفيدت بلحاظ مرحلة المدلول التصوري للكلام فيرجع هذا الكلام إلى ما أفاده الميرزا ( قده ) من انه لو كان الوصف مقيداً للحكم تمَّ المفهوم في الجملة ، وقد علقنا فيما سبق على ذلك بأنه ممنوع كبرى وصغرى.
إذ ليس الوصف قيداً للحكم بحسب المدلول التصوري ، وليس يكفي ذلك للمفهوم على تقدير ثبوته.
الغاية تارة : تكون راجعة إلى موضوع الحكم كما في قوله تعالى : ( واغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ) ، وأخرى إلى متعلق الحكم في قولنا ( صُمْ إلى الليلِ ) ، وثالثة : إلى نفس الحكم المستفاد من مدلول الهيئة والنسبة التامة كما في قولنا ( صُمْ حتى تصبح شيخا ) ، ورابعة : ترجع إلى الحكم المستفاد من مفهوم اسمي افرادي كما في قولنا ( الصوم واجب إلى الليلِ ) أي وجوبا مستمراً إلى الليل.
ومدرسة المحقق النائيني ( قده ) ، تفصل بين هذه الأنحاء فترى ثبوت المفهوم في بعضها دون بعض على خلاف بين ظاهر كلام الميرزا نفسه وكلام السيد الأستاذ ، فالظاهر من كلام المحقق النائيني انَّ المفهوم ثابت فيما إذا كانت الغاية راجعة إلى مدلول الهيئة التامة في الجملة الإنشائية وهو النحو الثالث من الأقسام فقط ، وظاهر كلام السيد الأستاذ ثبوته فيما إذا كانت الغاية راجعة إلى الحكم سواءً كان مفاداً بنحو المعنى الاسمي أو النسبي.
وما بيّنته هذه المدرسة في توضيح مدعاها ـ على الخلاف المذكور ـ انَّ الغاية إذا كانت ترجع إلى الحكم كان معناه انتهاء الحكم وانتفائه بحصول الغاية ولا يراد بالمفهوم أكثر من ذلك. وهذا بخلاف ما إذا كانت غاية للموضوع أو المتعلق فانها لا تدل حينئذٍ على أكثر من تحديد ما هو موضوع الحكم في المرتبة السابقة على طرو