الإطلاق في مفهوم الوجوب فيه الواقع طرفا للنسبة التامة وبالتالي إثبات المفهوم وبين قولنا وجوب الصوم المغيا بالليل ثابت الّذي وقع فيه الوجوب طرفاً للنسبة الناقصة مع غايته ولذلك لم يكن يدل على المفهوم وانَّ كل وجوب صوم مغياً بالليل.
ويشهد على هذه الدعوى وضوح عدم المعارضة عرفا بين قولنا ( صُمْ حتى تصبح شيخا ) ، وقولنا : ( صُمْ لداء المعدة ) مثلاً الشامل بإطلاقه حتى للشيخ وليس ذلك الا من جهة كون الغاية راجعة إلى شخص الحكم لا سنخه.
نعم تدل الغاية على المفهوم الجزئي بالمقدار الّذي كان يدل عليه جملة الوصف بنفس النكتة المتقدمة هناك.
تارة يكون الاستثناء راجعاً إلى موضوع الحكم كما في الاستثناء في مثل قولنا ( العالم غير العادل ) ، وأخرى يكون راجعاً إلى الحكم أي المدلول التام للجملة كما هو الظاهر في أغلب موارد استعمالات ( إلا ) مثل قولنا ( أكرم العلماء إِلاَّ الفساق منهم ).
ولا إشكال في عدم المفهوم للنحو الأول باعتباره كالوصف بل هو هو حقيقة إذ يدل على توصيف المفهوم الأفرادي وتحصيصه بقسم خاص.
وامّا الثاني : فالصحيح فيه ثبوت المفهوم في الجملة سواءً كانت سالبة كقولنا ( لا يجب تصديق المخبر إِلاَّ الثقة ) أو موجبة كما في المثال المتقدم وان كان ثبوته في السالبة أوضح ، والوجه في ذلك على ضوء الموازين المتقدمة انَّ الاستثناء يعني الاقتطاع وهو لا يكون إِلاَّ من شئون النسب التامة الحقيقية في الذهن ، واما في الخارج فلا اقتطاع ولا حكم فهي كالعطف والإضراب ونحو ذلك نسب ثانوية ذهنية وليست أولية خارجية كي تكون ناقصة ، وحينئذٍ يكون من المعقول إجراء الإطلاق في طرفها وهو الحكم لإثبات انَّ طرفها السنخ لا الشخص والمفروض دلالته وضعاً على الحصر فيتم بذلك كلا ركني المفهوم. ودعوى : وجدانية عدم تمامية جملة المستثنى من دون المستثنى منه ، جوابه : ان عدم التمامية هنا ليس باعتبار نقصان النسبة نفسها بل باعتبار عدم ذكر أطرافها فانَّ الاستثناء والاقتطاع فرع وجود حكم مسبق فلا معنى له