عنوان العلماء بما هو موضوع للحكم بوجوب الإكرام وامّا الفقير الّذي هو موضوع آخر لوجوب الإكرام فلم يستثن منه شيء ، نعم لو ثبت حكم بوجوب الإكرام على فاسق عالم مع دخل علمه في الموضوعية ولو بنحو جزء الموضوع كان معارضا مع مفهوم الاستثناء لأنه خلف الاستثناء عن العلماء بما هو موضوع لوجوب الإكرام (١).
ومن جملة ماله مفهوم أدوات الحصر وأساليبه كأنما وتقديم ما حقه التأخير ، والوجه في دلالتها على المفهوم اشتمالها على ركنيه :
امّا الركن الأول وهو الدلالة على العلّية بمعنى الموضوعية الانحصارية ، فلأنّه مدلول أداة الحصر بحسب الفرض وهذا يعني توفر هذا الركن في جملة الحصر بحسب مدلولها التصوري.
وامّا الركن الثاني ـ وهو إثبات انَّ المحصور سنخ الحكم لا شخصه فهو ثابت أيضاً في جملة الحصر بلا حاجة إلى مقدمات الحكمة أو الظهور الإطلاقي ، لأنَّ حصر شخص الحكم أمرٌ كان ثابتا بقطع النّظر عن الحصر وظاهر الإتيان بأداة الحصر تأسيس مطلب جديد لا تأكيد ما كان ، مضافا إلى لغوية حصر الشخص مع عدم انحصار السنخ عرفا ، فبالجملة الحصر بنفسه يكون قرينة على انَّ المحصور سنخ الحكم لا شخصه.
__________________
(١) قد يقال : انَّ هذا من جهة مناسبات الحكم والموضوع القاضية بأنَّ وجوب إكرام العالم أُخذ فيه العالم بنحو الحيثية التقييدية فكأنه قيل وجوب إكرام العلم يستثنى منه الفاسق وهذا جار في كل جملة حكمية فيها مفهوم وإِلاَّ فمقتضى الصناعة انحلالية عنوان وجوب إكرام العالم وشموله لتمام حصص وجوب الإكرام الفعلية في حق العالم الفاسق بأي عنوان كان ولذلك لا نجد لمثل هذا التفصيل مجالاً في الجملة التي لا يكون محمولها حكماً شرعياً بل امر خارجي ، كما إذا قلنا مثلاً ( كُلُّ فقيه يعرف علم الأصول إلا الاخباري ) ولعله بهذا أيضاً يمكن أَنْ نفسر نكتة ما تقدم من أظهرية المفهوم في الجملة الاستثنائية السالبة منه في الجملة الموجبة ، فإنَّ الاستثناء من السلب يكون إثباتا لا محالة بخلاف الاستثناء من الإثبات فانه يكون سلبا لذلك الحكم فلا ينافي مع ثبوت حكم بعنوان آخر ، ولذلك لا نجد مثل هذا الفرق في الجمل التي يكون المحمول فيها امراً خارجياً ، وامّا التحليل المتقدم فقد يناقش فيه بأنه كما يكون الاستثناء عن نفي الطبيعة إثباتاً لها كذلك الاستثناء عن إثبات الطبيعة نفي لها وكون الملحوظ ذات الطبيعة بلا خصوصية زائدة في النفي والإثبات كلاهما بمقدمات الحكمة والإطلاق كما هو المقرر في بحث النكرة في سياق النفي أو النهي.