يكون الآخر ضرورياً لا محالة فلا معنى لاشتراط الأمر بأحدهما بفرض ترك الآخر فانْ وصل أحدهما دون الآخر تنجز حكم العقل به وإِلاّ فلا يحكم العقل بتعيين أحدهما.
البيان الثاني : انَّ التضاد بين صلِّ ولا تصلِّ ثابت في عالم الجعل والحكم لأنَّ الحكم انَّما هو البعث والزجر ، ويستحيل اجتماع البعث والزجر على عنوان واحد ـ مع قطع النّظر عن القدرة في مرحلة الامتثال ـ وهذا البيان بحسب الحقيقة هو روح البيان الأول لأنّه قد أرسل في ذلك البيان شرطية القدرة إرسال المسلَّمات مع انَّ نكتتها ما يذكر في هذا البيان.
وهذا أيضا يمكن إنكاره لمن يرى انَّ الحكم ليس إِلاّ مجرّد اعتبار للفعل أو الترك على ذمّة المكلّف وليس متقوّماً بداعي الباعثية والمحركيّة.
البيان الثالث : انَّ التضاد بينهما ثابت في مرحلة المبادئ لأنَّ الأمر يكشف عن مصلحة تامة ومحبوبيّة فعلية في الفعل ، والنهي يكشف عن قيام مفسدة تامّة ومبغوضيّة فعلية في الفعل فإذا تعلّقا بشيء واحد لزم اجتماع الضدّين.
وهذا البيان أيضا يمكن دفعه على المسلك القائل بأنَّ مبادئ الحكم قد تكون في نفس الجعل بأَنْ تكون المصلحة في الجعل لا متعلّقه فلا يتّحد مركز المصلحة الفعلية مع مركز المفسدة الفعلية.
وكذلك المسلك القائل بأنَّ المبادئ ليست إِلاّ ذات المصلحة والمفسدة لا المصلحة والمفسدة التامّتين الموجبتين للحبّ والبغض لإمكان حصول ذات المصلحة والمفسدة في فعل واحد.
وموضع تحقيق هذه المباني موكول إلى محلّها ونحن هنا نفرغ عن عدم صحّة هذه المباني وتماميّة البيانات الثلاثة معاً.
وعلى هذا الضوء ندخل في شرح كلّ من القسمين للتغاير بين المتعلقين بالذات لنرى ما يتمّ من هذه البيانات فيه.
امّا القسم الأول فالبيان الأول لا يتمّ فيه لوضوح إمكان امتثال الأمر بإتيان الجامع بغير الحصّة المحرمة.
وامَّا البيان الثاني فأيضاً لا يأتي لوضوح إمكان فعلية انقداح كلا الداعيين داعي