تقدير كونه نعتاً فهو نعت له لا للعالم.
ولا يقاس ذلك بالوجود فانَّ وجود العدالة باعتباره خارجاً عين الموجود فلا محالة كان متحصصاً إلى حصتين تبعاً له وامّا عدم العدالة فهي نقيضها ومقابل لها مصداقاً (١).
وهكذا يثبت انَّ عدم العرض لا يكون إِلاَّ محمولياً ولا يعقل أَنْ يكون نعتاً للموضوع ومرتبطاً به إِلاَّ بنسبة ذهنية إنشائية لا تكون موضوعاً للأثر شرعاً.
نعم الأوصاف الوجودية المساوقة والملازمة مع عدم العرض يمكن أَنْ تكون نعتاً للموضوع وإلى ذلك يرجع كل ما ثبت من النسب التقييدية بين موضوع وعدم عرضه كقوله تعالى ( بقرة لا فارض ولا بكر ) وقوله ( وفدت عليه بغير زاد ) وهكذا.
المطلب الثاني ـ لو تنزلنا وتصورنا النعتية بين عدم العرض والموضوع قلنا مع ذلك انَّه لا يمنع عن جريان استصحاب العدم الأزلي بنحو يثبت العدم النعتيّ فيما إذا كان عدم العرض مضافاً إلى ذات الموضوع لا إلى الموضوع الموجود في الخارج بما هو موجود ، وذلك لأنَّ هذا العدم النعتيّ يكون ثابتاً في الأزل أيضاً بثبوت العدم المحمولي فانَّ ذات هذه المرأة لا المرأة الموجودة بما هي موجودة ـ كما انها في الأزل لم تكن بقرشية وهذه سالبة محصلة ـ كانت لا محالة متصفة بعدم القرشية اتصافاً ثابتاً في لوح الواقع الأوسع من لوح الوجود. ودعوى : انَّ العدم النعتيّ قضية موجبة معدولة فيستدعي وجود موضوعها
__________________
(١) قد يقال : لا إشكال في ان الوجود والعدم مفهومان عرضيان وليسا كالمقولات الماهوية بل يعرضان على الماهية المطلقة أو المقيدة المتحصّصة فالتحصيص ابتداءً بين الماهيات ، كما انه لا ينبغي الإشكال في ان وجود الماهية المتحصصة كعدالة العالم نقيضها عدم عدالة العالم لأن نقيض المقيد رفع المقيّد لا الرفع المقيّد ، إِلاَّ أَنْ هذا لا يعني عدم معقولية الرفع المقيد بالموضوع الّذي هو المراد بالعدم النعتيّ لأن الذهن كما ينتزع المفاهيم المقولية عن الخارج كذلك ينتزع مفهوم الوجود والعدم ويتعامل معها تعامل المفاهيم المقولية من حيث التحصيص لأن التحصيص من شئون المفاهيم بما هي مفاهيم لا من شئون الواقع الخارجي ومن هنا يقال ( زيد موجود ) كما يقال ( زيد عالم ) ويقال ( العنقاء معدوم ) كما يقال ( العالم عادل ) ولا يراد بالعدم النعتيّ إِلاَّ تحصيص مفهوم بمفهوم العدم فالعالم له حصتان حصة مع العدالة وحصة بلا عدالة ، كما يشهد بذلك الوجدان القاضي بأنه لم يؤخذ في مفهوم العالم غير العادل إِلاّ مفهومي العالم وعدم العدالة مع النسبة بينهما.
والجواب : ان تحصيص العالم وتقييده بعدم العدالة ليس إِلاّ مجرد تحصيص ذهني منتزع بالتبع من إضافة العدالة إلى العالم ، أي هي نسبة تحصيصية ذهنية بحتة ولا تحكي نسبة واقعية خارجية إذ لا نسبة حقيقةً بين المحل وعدم العرض ، بخلاف وجود العرض فان هناك حقيقة ثالثة غير وجود المحل ووجود العرض وهي النسبة الواقعية بينهما.