يبقى بعد هذا أَنْ نلاحظ التقريبين اللذين ذكرناهما للامتناع في الشقّ الأول لا من جهة نفسي الأمر والنهي بل باعتبار ما يلزم الأمر بشيء بنحو صرف الوجود من الترخيص في تطبيق الجامع على الحصة أو لزوم التخيير الشرعي فهل يتمّ شيء منهما في المقام أي ما إِذا كان متعلق النهي غير متعلّق الأمر عنواناً كالغصب والصلاة أم لا؟.
والتحقيق : عدم تمامية شيء منهما في المقام ، لأنَّ متعلق النهي هنا عنوان آخر كالغصب وهو غير الجامع المتعلق للأمر وليس حصّة منه فانَّ الحصّة المقيدة للصلاة بالغصب تعني الصلاة مع تقيدها بالمكان المغصوب مثلاً على نحو دخول التقيد وخروج القيد فعنوان الغصب الّذي هو القيد يبقى خارجاً عن معروض الأمر أو الحبّ المتعلقين بالصلاة حتى إِذا لزم منهما الترخيص في تطبيقه على الحصّة أو تعلّق الحبّ بها بنحو التخيير الشرعي ، فيكون معروض الأمر والحبّ ذات الحصّة والتقيد ومعروض النهي والبغض القيد وهو الغصبيّة ولا محذور في ذلك ، وهذا بخلاف الشقّ السابق أي ما إِذا تعلّق النهي بالحصّة المقيّدة ـ كالصلاة في الحمام أو في المكان المغصوب ـ حيث انَّه سوف يتعلّق النهي والبغض بالحصّة المقيّدة التي يلزم من الأمر بالجامع المنطبق عليها الترخيص فيها أو تعلّق الحبّ بها بنحو التخيير الشرعي فيجتمع المتضادان في مركز واحد ، نعم هناك تحفّظ أساسي هنا سوف يأتي بيانه.
ومن مجموع ما تقدّم إلى هنا نستطيع أَنْ نستخلص ثلاثة ملاكات وتقريبات لجواز اجتماع الأمر والنهي في موضوع واحد لو تمّ شيء منها في مورد جاز الاجتماع.
الملاك الأول : انَّ الأمر إِذا كان متعلّقاً بصرف وجود الطبيعة في الخارج فحتى إِذا كان النهي متعلّقاً بالفرد والحصّة لا تضاد بينهما ، إِذ لا محذور في أَنْ يريد المولى صرف الوجود للجامع وينهى عن فرد من أفراده.
الملاك الثاني : أَنْ يكون متعلّق الأمر غير متعلّق النهي عنواناً وإِنْ انطبقا على وجود واحد في مورد خارجاً ، لأنَّ تعدد العنوان يؤدّي إِلى تعدد ما هو معروض الأمر والنهي والحبّ والبغض حقيقة وذاتاً.
الملاك الثالث : أَنْ يكون التركيب بين عنواني المأمور به والمنهي عنه انضماميّاً