إذا تعقب الاستثناء جملاً متعددة فهل يرجع إلى الأخيرة بالخصوص أو إلى الجميع مع فرض عدم قرينة خاصة على تعيين أحد الاحتمالين؟
المعروف بين المحققين هو التفصيل بين ما إذا تعددت الجمل موضوعاً ومحمولاً كما إذا قال ( أكرم العلماء وأكرم الشيوخ وأكرم الهاشميين إِلاَّ الفساق ) ، وبين ما إذا لم يكن كذلك بأَنْ تعدد المحمول فقط كما إذا قال ( أكرم العلماء وقلدهم إِلاَّ الفساق ) أو تعدد الموضوع فقط كما إذا قال ( أكرم العلماء والشيوخ والهاشميين إِلاَّ الفساق ) ففي المثال الأول يرجع إلى الأخيرة فقط إِنْ لم تفرض عناية تقتضي العكس. وحكموا في الأخيرين بالرجوع إلى الجميع ولو باعتبار الإجمال واحتمال قرينية المتصل.
وهذه النتائج بالإمكان تخريجها فنياً بالنحو التالي :
امّا في الموضع الأول : فلأنَّ رجوع الاستثناء إلى الجميع امّا أَنْ يكون على أساس رجوعه إلى كل واحدة من تلك الجمل مستقلاً وهذا يستلزم محذور استعمال أداة الاستثناء الموضوعية للنسبة الاستثنائية الإخراجية في أكثر من معنى فانَّ كل نسبة استثنائية بلحاظ كل واحد من تلك الجمل يشكل معنى مستقلاً لا محالة (١) ، واما أَنْ يكون على أساس استعماله في جامع الاستثناء وهذا أيضاً غير معقول على ضوء ما تقدم من جزئية معاني الحروف وأدواتها والتي منها أداة الاستثناء ، لا بمعنى الجزئية الخارجية أو الذهنية بل بمعنى الجزئية الطرفية وهي النسبة المتقومة والمتشخصة
__________________
على المفهوم العام حتى لو لم يلزم من العمل بالعامّ إلغاء المفهوم كما إذا كانا عامين من وجه ، كما إذا ورد « أكرم كل فقير » و « أكرم زيداً إذا جاءكَ » فانه على القول بالمفهوم للشرطية يتعامل معهما معاملة المتعارضين بنحو العموم من وجه ولا يقدم إطلاق المفهوم على عموم العام.
(١) كون هذا من الاستعمال في أكثر من معنى محل تأمل بشهادة الوجدان على إمكان رجوع الاستثناء إلى الجميع بلا العناية الموجودة في موارد استعمال لفظ واحد في معنيين بل هو يشبه قولنا ( عند الزوال تصدق على الفقير واقرأ القرآن وصلِّ الظهر ) الّذي يرجع فيه الوقت إلى الجميع من دون أن نشعر بعناية التوحيد الاعتباري والاستعمال في أكثر من معنى. ولعلَّ وجهه انَّ النسبة إذا كانت ذهنية واقعية فلا محذور في ان يقع مفهوم واحد طرفاً لنسبتين مع مفهومين آخرين في عرض واحد كما في الاخبار عن موضوع واحد بمحمولين أو اسناد فعلين إلى فاعل واحد والنسبة الاستثنائية وما شاكلها نسبة واقعية بمعنى انَّ الإخراج والاقتطاع من شئون النسبة الحكمية الواقعية.