وكأن المحقق العراقي ( قده ) الّذي وافق الأصفهاني ( قده ) على إثبات الملاك بالدلالة الالتزامية تفطن إلى هذا النقض الّذي لا يلتزم به أحد فحاول الجواب عليه بما حاصله : ان خطاب ( صلِّ ) و( لا تصلِّ ) مثلاً انما كانا من باب التعارض لا التزاحم الملاكي ، لأنهما بالدقة يتعارضان حتى بلحاظ الدلالة الالتزامية على الملاك بخلاف ( صلِّ ) و( لا تغصب ) والوجه في ذلك انَّ لخطاب ( صلِّ ) مثلاً بحسب الحقيقة أربع دلالات :
١ ـ الدلالة على طلب المادة وهي الصلاة بالمطابقة.
٢ ـ الدلالة على النهي عن ضده العام وهو ترك الصلاة بالالتزام.
٣ ـ الدلالة على ملاك الطلب في الصلاة بالالتزام.
٤ ـ الدلالة على انَّ الضد العام فاقد لمبادئ الطلب بالالتزام.
فإذا اتضح انَّ لكل خطاب هذه الدلالات الأربع فسوف يقع في موارد التعارض التكاذب بين المدلولين الالتزاميين الثالث والرابع في كل من الدليلين مع الآخر ، أي المدلول الرابع في خطاب ( صلِّ ) يعارض المدلول الثالث في خطاب ( لا تصلِّ ) والمدلول الرابع في خطاب ( لا تصلِّ ) يعارض المدلول الثالث في خطاب ( صلِّ ) ومعه لا يبقى ما يثبت الملاك.
وهذا بخلاف موارد الاجتماع ، أعني ما إذا امر بالصلاة ونهى عن الغصب ، لأنَ
__________________
الوجوب والآخر على الحرمة.
ففي النحو الأول من الواضح انَّ دليل النفي كما ينفي الوجوب ينفي ملاك الوجوب ومقتضية التام فلا يمكن إثباته بالمدلول الالتزامي لدليل الوجوب ، نعم ذات الملاك الأعم المجامع للمانع يمكن إثباته ولكن لا فائدة تترتب عليه.
وامّا النحو الثاني فكل منهما وانْ كان دالاً على ثبوت ملاك حكمه في ذلك المورد وهو لا ينافي ثبوت ملاك الحكم الاخر إلاّ انه مع ذلك لا يمكن إثبات الملاك التام في مورد التعارض وانما الّذي يثبت ذات الملاك ، أي لا يمكن إثبات ملاك الأمر أو ملاك النهي بمعنى إحراز نفس الملاك والحيثية الّذي يدعوه إلى جعل الأمر أو النهي في مورد الافتراق بل لعلّ المولى لا يجد في مورد التعارض ولو باعتبار اجتماع ذات المصلحة مع ذات المفسدة ـ ملاكاً للإيجاب أو التحريم أصلاً. فالحاصل : في مورد التعارض لا يمكن إثبات ما هو ملاك بالفعل للوجوب أو الحرمة لأنه لا وجوب ولا حرمة يمكن أَنْ يكشفا عن ملاك لهما بالفعل في مورد التعارض وامّا الوجوب أو الحرمة في موردي الافتراق في العامين من وجه فلا يكشفان إلاّ عن الملاك في موردهما لا في مورد التعارض ، وهذا بخلاف المقام فانَّ إيجاب الطبيعة بنحو صرف الوجود يمكن أَنْ يكون ملاكه موجوداً في الطبيعة بنحو صرف الوجود وانْ كان الأمر مقيداً بغير المجمع فيسقط به الأمر رغم عدم انبساطه عليه كما يمكن التعبد به والاجزاء مع الجهل بالحرمة فالفرق واضح بين المسألتين.