واما البحث عن الكبرى أعني إمكان اتصاف الخروج بالوجوب الغيري ، فقد استشكل فيه المحقق الخراسانيّ ( قده ) وروح كلامه : (١) انَّ ترشح الوجوب الغيري على المقدمة مشروط بقابلية المحل بأن يكون مباحاً ، امّا ذاتاً كما في المقدمة المباحة ، أو عرضاً وفي طول سقوط الحرمة عنها بملاك شرعي كما في موارد المقدمة المحرمة المنحصرة لواجب أهم ، وامّا إذا كانت المقدمة محرمة ولم ترتفع حرمتها بل كانت معصية ـ ولو فرض سقوط الحرمة خطاباً بالعصيان ـ فلا قابلية فيها للإباحة ومعه لا يترشح الوجوب عليها ، لأنَّ العقل انما يدرك الملازمة بين حب شيء وحب مقدمته القابلة للإباحة المولوية ، ولا يتوهم : انَّ هذا تخصيص لحكم العقل بالملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدماته. فانَّ وجوب المقدمة لم يثبت ببرهان عقلي بل بالرجوع إلى الوجدان النفسيّ القاضي بأنَّ من أحبّ شيئاً أحبّ مقدمته ، ومن الواضح انَّ الوجدان لا يثبت أكثر من ترشح الحب على ما يمكن أَنْ يكون مباحاً من المقدمات لا ما يكون حراماً وعصيانا ، فيبقى الخروج في المقام مبغوضا ومحرما رغم وقوعه مقدمة للواجب (٢).
الجهة الثالثة ـ في علاج بعض المشاكل التي تثار بناء على الفراغ في الجهتين السابقتين عن تمامية مقتضي الحرمة والوجوب معاً بالنسبة إلى الخروج من الدار المغصوبة ، والمشاكل الرئيسية مشكلتان :
إحداهما ـ كيفية التوفيق بين الحرمة والوجوب في موضوع واحد.
والثانية ـ كيفية التوفيق بين حرمة الخروج ووجوب ذي المقدمة المترتب عليه وهو
__________________
المقدمة وهو التحرك نحو الخارج ليس بحرام.
نعم لو جعلنا الخروج فرداً آخراً للغصب غير المكث أمكن أَنْ يقال بأنَّ فرداً من الغصب يصبح مقدمة لترك الفرد الاخر في الآن الثاني.
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ٢٦٤
(٢) هذا منبه آخر على عدم وجوب المقدمة كما ذكرنا في محله ، فانَّ قابلية المحل للإباحة إذا أُريد بها الإباحة بقطع النّظر عن مبادئ الوجوب النفسيّ فالمقدمة المحرمة لا بسوء الاختيار أيضاً لا تكون مباحة بقطع النّظر عن الواجب النفسيّ ، وإِنْ أُريد بها الإباحة في طول مبادئ الوجوب وبلحاظ ما يترشح منها فهذا ثابت في المقام أيضاً.
نعم هنا مطلب آخر جدير بالاهتمام هو انَّه في المقام لا يوجد محبوب نفسي بل غاية الأمر توقف ترك الحرام الأهم في الآن الثاني على الخروج في الآن الأول الّذي هو حرام أيضا ، وترك الحرام محبوب تبعي ومن باب انَّه ضدّ عام ولا يترشح حبّ غيري إِلاّ من المحبوب النفسيّ ، وعليه يدور الأمر بحسب الحقيقة بين مبغوضين ويأمر المولى بأخفهما لا انَّ هناك اجتماعاً للأمر والنهي بلحاظ المبادئ.