المقام المكلف بعد أَنْ دخل الأرض المغصوبة فلو أراد أَنْ يكون منقاداً لا يكون خروجه مخالفا مع انقياده للمولى بل الخروج بعد الدخول من لوازم الانقياد وحفظ مصلحة الواجب المترتب عليه فيكون الأمر بذي المقدمة صحيحاً وإِنْ كانت مقدمته تقع معصية للنهي الثابت أولاً والساقط بعد الدخول.
وثانيا ـ ما ذكره في الكفاية من انه لو سلم انَّ ذا المقدمة غير مقدور فغايته سقوط الأمر به من باب عدم القدرة عليه ، لكن حيث انَّ عدم القدرة هذا ناشئ من سوء اختيار المكلف فلا ينافي مسئوليته تجاه ترك ذي المقدمة فيعاقب عليه كما يعاقب على المقدمة ، فالنتيجة ثابتة على كل حال.
الوجه الثالث ـ انَّ ارتفاع حرمة الخروج بعد الدخول لم يكن من باب العدول والبداء بل من قبيل الرفع العصياني ، والرفع العصياني ليس معناه انتفاء الغرض بل ثبوته وسقوط الخطاب لعدم الجدوى فيه ، وحينئذ يكون الأمر الفعلي بذي المقدمة نقضا لهذا الغرض الفعلي للحرام.
والجواب : يظهر بما أجبنا به عن الوجه السابق فانَّ الأمر بذي المقدمة لا يكون ناقصا لغرض الحرام الّذي نقضه المكلف وعصاه بسوء اختياره وانما يعيِّن أسلوب النقض وأَنْ يكون مكثه في الأرض المغصوبة خروجياً لا بقائياً ، والجامع بين المكثين ثابت على كل حال وتعيين الجامع في المكث الخروجيّ لا يكون نقضاً لغرض زائد.
المرحلة الثانية ـ في حكم الصلاة حال الخروج.
وهنا فرضيتان :
الفرضية الأولى ـ أَنْ لا يتمكن المكلف من الصلاة بعد الخروج لضيق الوقت.
الفرضية الثانية ـ أَنْ يتمكن من الصلاة خارج المكان المغصوب ولو بالإتيان بالوظيفة الاضطرارية.
امّا الفرضية الأولى : ـ فعلى القول بجواز اجتماع الأمر والنهي تقع الصلاة صحيحة على كل حال ، ولكن لو فُرض انَّ صلاته الاختيارية توجب مزيد مكث له وتصرف في الغصب تعين عليه تكليفاً الاقتصار على الصلاة الاضطرارية تقديماً لجانب الحرام وإِنْ كانت صحيحة إذا خالف بملاك الترتب.