حينئذ المقابل للحرمة بل الكراهة أيضا بنفس الملاك وامَّا ثبوت الوجوب أو الاستحباب أو جامع المطلوبية بها؟ فهو بحاجة إلى بحث وتفصيل. لأنَّ السيرة العملية المتشرعية انْ أحرزت نكتتها الارتكازية وعنوان عمل المتشرعة فيها كان علم انهم يعملون ذلك على وجه الاستحباب والأفضلية فنفس ملاك حجية السيرة جاء بلحاظ النكتة المتّفق عليها في السيرة وإِلاّ بأن كان وجه العمل المتشرعي مجملاً غير واضح فتارة يفرض وجود دواع خارجية طبيعية للالتزام بذلك الفعل كالعرف العام مثلاً فلا يمكن أَنْ يستكشف من انعقاد العمل المطلوبية إذ لعله على أساس ذلك الداعي الخارجي وأُخرى يفرض عدم وجود داع كذلك فيكشف ذلك لا محالة عن أصل المطلوبية ولو بدرجة الاستحباب هذا مجمل مفادات سيرة المتشرعة.
الجهة الرابعة ـ في مقدار مفاد الإمضاء للسيرة العقلائية وهل هو في حدود ما هو معمول به خارجاً وقام التعارف عليه في عهد المعصوم عليهالسلام أو يكون الإمضاء أوسع من ذلك وضمن سعة دائرة النكتة العقلائية لها التي قد تكون أوسع من مقدار الجري الخارجي ، فالسيرة على سببيّة الحيازة للتمليك مثلاً كان المقدار المعمول به منها خارجاً الحيازة بالطرق والوسائل البدائية كالاغتراف والاحتطاب وامَّا مثل حيازة الطاقة الكهربائية لم يكن لها وجود آنذاك فهل المقدار المستفاد إمضاؤه يكون في دائرة تلك الموارد المعمول بها أم أوسع من ذلك؟ وهذا له آثار مهمّة في الفقه.
قد يقال : بأنَّ السكوت وعدم الردع لا يدلّ على أكثر من إمضاء ما وقع خارجاً من عمل العقلاء وامَّا سعة نظر العقلاء من دون أَنْ يقع جري خارجي على طبقها فلا يمكن أَنْ يستكشف إمضاء الشارع لها من مجرّد سكوته.
إِلاّ انَّ الإنصاف دلالة عدم الردع على إمضاء تمام النكتة العقلائية التي هي أساس العمل الخارجي للعقلاء وملاكه في نظرهم ، لأنَّ المعصوم له مقام التشريع وإبلاغ أحكام الله سبحانه وتعالى وتصحيح أو تغيير ما ارتكز عند الناس من شرائع غير صحيحة ومثل هذا المقام أوسع مدلولاً من مجرد كونه ناهياً للمنكر الخارجي وآمراً