لم يشكل ظاهرة فريدة ملفتة للنظر. إِذ من الواضح انَّ أكثر مراتب الظهور لا يحصل منها اطمئنان لا لاحتمال التجوز أو الإظهار أو التقدير أو نحوها من خلاف الظاهر الكثير في اللغة العربية فحسب بل لأنَّ وضع الأئمة عليهمالسلام واعتمادهم على التقيّة أو القرائن المنفصلة لم يكن يساعد على حصول الاطمئنان من ظاهر كلماتهم جزماً.
وبهذا نثبت انعقاد السيرة المتشرعية بالمعنى الأعم على العمل بالظهورات وقد تقدّم انَّه حجّة كالسيرة المتشرعية بالمعنى الأخص وبناءً عليه لا تصل النوبة إلى البحث عن احتمال الردع بإطلاقات النهي عن العمل بالظنّ مثلاً والبحث عن انَّها هل تصلح للرادعية أم لا ، فانَّ هذا الاستدلال بالسيرة المتشرعية الكاشفة كشفاً إنيّاً عن موقف الشارع مباشرة.
وامَّا السيرة العقلائية فلا ينبغي الإشكال أيضا في انَّ قضية العمل بالظهور على وفق الطبع العقلائي ، بل هذا من أوضح طباعهم وجوانب سلوكهم العام حيث لا يتقيدون في مقام الإفادة والمحاورة بالتنصيص والصراحة في مقام التعبير جزماً.
وكيفية تقريب الاستدلال بالسيرة العقلائية في المقام يمكن أَنْ يكون بأحد شكلين :
الأول ـ الاستدلال بسيرة العقلاء في معاشهم وأوضاعهم الخارجية اليومية حيث انَّها انعقدت على الأخذ بالظهورات وهذا بناء عقلائي في مجال أغراضهم التكوينية.
الثاني ـ التمسّك بسيرتهم في عالم المولويات العرفية والأغراض التشريعية لهم حيث انَّ بناء العقلاء على إلزام كل من الآمر والمأمور بالظهور ويرونه حجة.
وقد يعترض على الاستدلال بالسيرة العقلائية على النهج الأول بأنَّه غير تام صغرى وغير مفيد كبرى ، إِذ العقلاء وإِنْ كانوا لا يطالبون بالألفاظ الصريحة في مجال بيان أغراضهم التكوينية ، إِلاّ انَّ هذا ليس من باب التعبّد بالظهور بل على أساس نكات أُخرى كيف ولا يعقل التعبد في مجال الأغراض التكوينية ولا معنى للحجية والمنجزية والمعذرية فيها. وامَّا نكات العمل وملاكاته فقد يكون عبارة عن حصول الاطمئنان من الظهور أحياناً بأنَّ المتكلّم ليس بناؤه على التأويل والإلغاز أو الإجمال أو حصول الغفلة العرفية عن احتمالات خلاف الظاهر أو عدم الأهميّة بالغرض التكوينية بحيث