ذلك السلوك العام ، وإِلاّ فمقتضى الحجية ثابت للظهور المذكور والمانع عنها انَّما كان حجية المزاحم والمفروض إلغاؤه شرعاً. وإِنْ شئت قلت : انَّ هناك قضيّة تعليقيّة عقلائية هي انَّه لو لم يكن ذلك المزاحم حجة ـ لا لو لم يكن موجوداً ـ كان الظهور المذكور حجة لاشتماله على مقتضي الحجية ونكتتها والمستكشف إمضاء هذه النكتة عموماً بنحو القضية الحقيقية سواءً كان شرطها ثابتاً شرعاً أم لا.
الجهة الثانية ـ في تشخيص موضوع حجية الظهور وهذا بحث تحليلي يرجع إلى تحليل المرتكزات العقلائية التي هي أساس كبرى حجية الظهور. وقد وقع الخلاف بين المحققين المتأخرين في تحديد موضوع أصالة الظهور وقبل استعراض كلماتهم لا بدَّ من استذكار ما تقدّم في بحوث العام والخاصّ من انَّ للكلام ظهورات ودلالات ثلاثة.
١ ـ الدلالة التصورية وهي الصورة التي تنتقش من سماع اللفظ في الذهن على أساس من الوضع والمحفوظة اللفظ من لافظ غير ذي شعور.
٣ ـ الدلالة التصديقيّة الاستعمالية وهي الدلالة على إرادة المتكلّم وقصده لإخطار المعنى والمدلول التصوري إلى ذهن السامع ، وهذا لا يكون إِلاّ حيث يكون هناك متكلّم عاقل ذي قصد وشعور ولذلك تكون أخصّ من الأول.
٣ ـ الدلالة التصديقية الجدية وهي الدلالة على انَّ المتكلّم ليس هازلاً بل مريد جداً للمعنى حكاية أو إنشاء وهذا أخصّ من الثاني أيضا ، إذ الدلالة التصديقية الأُولى تكون محفوظة في موارد الهزل أيضا.
والدلالة الأُولى منشأها الوضع ولا ينثلم بالقرينة ، وانَّما القرينة تؤثر على الظهورين الاستعمالي والجدّي إذا كانت متصلة لأنهما ظهوران حاليان للمتكلّم بما هو متكلّم يدلان على أنَّه يريد إخطار ما للألفاظ من مداليل تصوريّة وضعية إلى ذهن السامع وهذا انَّما يكون حيثما لم ينصب بنفسه قرينة على إرادته خلاف ذلك استعمالاً أو جدّاً.
إِذا اتّضحت هذه المقدمة فنقول في المقام : لا إِشكال عند الجميع في انَّ المقصود من أصالة الظهور انَّما هو التوصّل إلى إثبات