الجهة الرابعة ـ في التعرّض إلى التفصيلات في الحجية بين بعض المكلَّفين وبعض أو بعض الظهورات وبعض وأهمها ثلاثة أقوال :
القول الأول ـ التفصيل بين المقصودين بالإفهام فيكون الظهور حجة لهم دون غيرهم. وهذا تارة يقرب بدعوى قصور مقتضي الحجية وهو السيرة العقلائية عن شمول من لم يكن مقصوداً بالإفهام حيث لم يعلم انعقاد بناء العقلاء على العمل بالظواهر ولو لم يكونوا مقصودين بالإفهام.
وأُخرى يقرب بإبراز نكتة فرق بين المقصود بالإفهام وغيره ، وذلك لأنَّ المقصود بالإفهام لا منشأ لاحتمال إرادة خلاف الظاهر بالنسبة إليه إِلاّ اختفاء القرينة عليه وهو منفي بأصل عدم القرينة إذ لو لم تكن هناك قرينة ومع ذلك أُريد خلاف الظاهر في حقّه كان خلف كونه مقصوداً بالإفهام ، وامَّا غير المقصود بالإفهام فيحتمل إرادة خلاف الظاهر من غير ناحية الاختفاء عليه وذلك لأنَّه يحتمل أَنْ يكون هناك تواطؤ خاص أو اصطلاح أو إشارة معيّنة بين المتكلّم وبين من قصد افهامه يكون قرينة عنده لا يفهمها غيره لعدم كونه مقصوداً بالإفهام فليس منشأ احتمال إرادة خلاف الظاهر في حقّه منحصراً في احتمال الغفلة عن القرينة.
وقد أُجيب عن هذا التفصيل بكلا تقريبيه في الكتب ، بأنَّ أصالة الظهور أو عدم القرينة أصل برأسه في مقابل أصالة عدم الغفلة وهو غير مخصوص بالمقصود بالإفهام بل مطلق بحسب مقتضى الحجية.
وهذا المقدار من الجواب قد اتّضح على ضوء ما سبق عدم وفائه بحسم الإشكال ، لأنَّه لو أُريد التمسّك بأصالة الظهور فقد عرفت انَّه متوقّف على إحراز موضوعه بأصالة عدم القرينة وأصالة عدم القرينة ليست تعبّداً بحتاً بل لا بدَّ من أَنْ ترجع إلى نكتة كاشفية نوعية عقلائية كعدم الغفلة مثلاً.
ومن هنا كان الأحسن فرز الاحتمالات في إرادة خلاف الظاهر من الكلام والتفتيش عن نكتة كاشفية نوعية في نفي كلّ منها ثمّ يرى انَّ تلك النكتة ما هي