يصل إِليها كما وصل إِليها البعض غاية الأمر بحاجة إلى مزيد جهد وبذل وسع أكثر من المقدار اللازم في مقام الاكتفاء بإجراء الأصول والقواعد العامة في الاستنباط فدعوى الجزم ببطلانه ليس مجازفة ، إذ في كثير من المواضع نقطع بأنه مهما اجتهد وبذل الجهد أكثر فأكثر لا يتغير الموقف ولا يصل إلى ما يغير مقتضى القاعدة أو الأصل.
الوجه الثالث ـ لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا كفاية اللطف المردد بين بعض المجمعين في إشباع هذه الحاجة وإنجاز المهمة العقلية العملية ، فاللطف المذكور انَّما يجب بمعنى انَّه لا بدَّ للمولى سبحانه من أَنْ ينصب من يكون في نفسه طريقاً إلى الحقائق لا بمعنى رفع الموانع عن الوصول إِليها مطلقاً حتى إذا كان بفعل العباد وعصيانهم أنفسهم والنصب بالمعنى المذكور قد سلكه سبحانه بنفس نصب الإمام ( عجل الله فرجه ) وغيابه انَّما هو من جهة منع العباد وعصيانهم فلا قصور من ناحية المولى.
المسلك الثاني ـ إثبات حجية الإجماع بدليل شرعي وقد استدلّ فقهاء الجمهور على حجيته في إطار هذا المسلك بوجوه عديدة ما يستحق منها الذّكر هو التمسّك بالنبوي المشهور « أُمّتي لا تجتمع على ضلالة » وقد وجدناه بصيغتين.
إحداهما ـ ما عن أبي خلف الأعمي قال سمعت أنس بن مالك يقول سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول انَّ أُمّتي لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافاً فعليكم بالسواد الأعظم « نقله ابن ماجة في سننه ج ٢ ص ١٢٠٣ ».
الثانية ـ ما نقله شريح عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : انَّ الله أجاركم من ثلاث خلال : أَنْ لا يدعو عليكم نبيّكم فتهلكوا جميعاً ... وأَنْ لا تجتمعوا على ضلالة.
« نقله أبو داود في سُننه ج ٤ ص ٩٨ ».
فيستدلّ بها على حجية الإجماع لكونها شهادة من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعصمة مجموع الأُمة.
وقد يناقش في هذا الاستدلال بأنَّ غاية ما يثبت بهذا المضمون حجية المجموع وهذا أمر صحيح مسلم عندنا أيضا لوجود المعصوم ضمن المجموع وهو الإمام عليهالسلام الموجود في كلّ زمان ، فليس في الحديث على تقدير صدوره دلالة على أكثر من وجود المعصوم في الأمة.