الانتفاء انَّما كان ببركة إجراء الإطلاق في الحكم المعلّق لإثبات انَّه طبيعي الحكم وما يلزم من إخراج المورد عن المفهوم مجرد تقييد هذا الإطلاق فلو قال ( هل أكرم زيد؟
فقال : إذا كان الإنسان فقيراً فأكرمه ) ودلَّ دليل على انَّه حتى إذا كان زيد غير فقير يجب إكرامه لأنَّه هاشمي مثلاً فغاية ما يلزم منه تقييد إطلاق الحكم بوجوب الإكرام المعلّق على الفقير بغير الوجوب الثابت بعنوان الهاشمي.
٣ ـ وامَّا ما أفاده الشيخ ( قده ) فلو فرض انَّ النبأ المأخوذ في موضوع الآية آخذ كاسم جنس جامع بين الواحد والكثير ـ كما لو كان معناها النبأ إذا جاء به الفاسق فتبينوا ـ كان قيد التعدد بحسب الواقع تقييداً لطبيعي النبأ الواقع موضوعاً لا إِلغاءً كما أفاد الشيخ ( قده ) وامَّا إذا كان مأخوذاً بقيد الوحدة المستفادة ولو من التنوين فيكون مفاد الجملة النبأ الواحد لو جاء به الفاسق فتبيّنوا ومفهومه النبأ الواحد لو جاء به العادل فهو حجة وحينئذ يكون اعتبار التعدد والبيّنة إِلغاءً لقيد الوحدة لا تقييداً للطبيعي (١).
ثمّ انَّ المحقّقين تعرضوا في ذيل البحث عن آية النبأ إلى مطلب كلّي لا ربط له بالآية وهو الإشكال المعروف في شمول دليل حجيته للاخبار مع الواسطة كما إذا أخبر علي بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن هاشم عن الإمام عليهالسلام والإشكال يمكن تقريره بأحد تقريبين :
الأول ـ لزوم محذور اتحاد الحكم مع موضوعه وأخذه فيه وهو محال لأنَّ الحجية موضوعها الخبر الّذي يترتّب على ثبوت مفاده أثر شرعي عملي امَّا لكونه بنفسه أثراً
__________________
(١) إِلاّ انَّه لا إِشكال في انَّ اعتبار التعدد في الطبيعة المأخوذ معها قيد الوحدة بالتنوين ليس إلغاء بل تقييد كما إذا قال ( لو ظاهرت فأعتق رقبة ) ودلَّ دليل على اشتراط عتق رقبتين في الظهار.
ولعلَّ الأولى أن يقال : بأن اعتبار التعدد معناه بحسب الحقيقة ان موضوع الحجيّة هو اتفاق المخبرين على شيء واحد لا أصل إخبارهما وهذا عنوان آخر بحسب الفهم العرفي غير حجية خبر الواحد. إِلاّ انَّ هذا لا موجب له أيضا فانَّ المراد بالخبر الواحد لا بدَّ وأن يكون بحسب المتفاهم العرفي الخبر غير المفيد للعلم وهو صادق على البيّنة أيضا فاشتراط التعدد ليس إِلاّ تقييداً زائداً.