وجوب التحذّر مطلقاً حتى في صورة عدم حصول العلم من اخبار المنذر وهو يلازم الحجية ، وتختلف بعد ذلك في كيفية استفادة وجوب التحذر مطلقاً من الآية على ما سيظهر من خلال استعراض الوجوه التالية :
الوجه الأول ـ استفادة وجوب التحذّر من كلمة ( لعلَّ ) الموضوعة للترجّي ، ومقتضى أصالة التطابق بين عالم الإثبات والثبوت وإِنْ كان انَّ الداعي هو الترجّي الحقيقي إِلاّ انَّ ذلك باعتباره مستحيلاً في حقّه تعالى يحمل على أقرب الدواعي الجديّة إِليه وهو المطلوبية والمحبوبية ، ومطلوبية التحذر تلازم وجوبه إذ لو كان هناك مقتضٍ له فلا محالة يجب ، لأنَّ المتحذر منه في المقام العقاب الأُخروي المساوق احتماله للتنجز ، وإِنْ لم يكن له مقتضٍ فلا معنى له ولا مطلوبية له حتى استحباباً إذ لا موضوع له ، وبالتمسّك بإطلاق الآية لحالات عدم حصول العلم من اخبار المنذر نثبت مطلوبية التحذّر حتى في حالة عدم العلم وهو يساوق حجيته.
الوجه الثاني ـ انَّ التحذر جعل في الآية غاية للإنذار الواجب ، وغاية الواجب واجبة كما إذا قيل توضّأ لتصلّي فيثبت مطلوبية التحذر وبمقتضى التمسّك بإطلاق الغاية والمغيَّا نثبت وجوبه حتى مع عدم حصول العلم من اخبار المنذر.
الوجه الثالث ـ انَّ وجوب الإنذار فيها مطلق شامل حتى لصورة عدم حصول العلم من اخبار المنذر ووجوبه يلازم وجوب القبول والتحذر وإِلاّ كان لغواً.
ولنا حول الاستدلال بالآية ثلاث كلمات :
الكلمة الأُولى ـ في ملاحظة القدر المشترك المفترض في كلّ الوجوه من انَّ وجوب التحذّر والقبول ملازم مع الحجية فانَّه يمكن أَنْ يناقش فيه بوجوه :
الأول ـ انَّ هناك حالتين لا بدَّ من التمييز بينهما :
الأُولى : حالة الشك في التكليف الّذي يكون مجرى للبراءة والتأمين عقلاً أو شرعاً بحيث يكون رفع اليد عنه وثبوت التنجيز بحاجة إلى قيام الحجة على التكليف.
الثانية ـ حالة الشك في التكليف الّذي يكون في نفسه مجرى لأصالة الاشتغال وعدم العذر كما في الشبهة قبل الفحص أو المقرون بالعلم الإجمالي ، وفي هذه الحالة يكون التنجيز لنفس الشك لا لقيام الحجة على الإلزام وإِنْ كان قيامها قد يؤدّي إلى