بل لا يكفي بيان واحد أو بيانات بل لا بدَّ من مزيد بيانات وتأكيدات وتصريحات لكي تقلع جذور السيرة ونكتتها عن أذهان المتشرعة كما وقع ذلك بالنسبة إلى العمل بالقياس.
وقد استدلّ على الحجية أيضا بالدليل العقلي ، وذلك بتطبيق قواعد منجزية العلم الإجمالي ، بدعوى انَّنا إذا لاحظنا الروايات التي تكون بصدد إثبات حجيتها فسوف نعلم إجمالاً بمطابقة جملة منها مع الواقع إذ لا يحتمل أَنْ يكون كلّها على خلاف الواقع فيكون منجزاً ، وهذا وإِنْ كان غير الحجية مفهوماً إِلاّ انَّ نتيجته نتيجة الحجية من حيث عدم جواز الرجوع إلى الأصول المؤمنة.
والحديث عن هذا الدليل يقع في مقامين :
أولا ـ في أصل تنجيز هذا العلم الإجمالي.
ثانياً ـ في انَّ نتيجة هذا التنجيز هل هي نفس نتيجة الحجية أم لا.
امّا المقام الأوّل ـ فقد اعترض الشيخ الأعظم ( قده ) في الرسائل على منجزية هذا العلم الإجمالي باعتراض نقضي يمكن تقريبه : بأنَّ مثل هذا العلم لو كان منجزاً وبالتالي مثبتاً لنتيجة حجية الخبر لكانت كافة الأمارات الظنية حجة ، لأنَّها بمجموعها تشكل أطرافاً لعلم إجمالي من هذا القبيل إذ لا يحتمل عادة كذبها جميعاً.
وقد تصدّى كلّ من صاحب الكفاية والسيد الأستاذ للجواب على هذا النقض بما حاصله : انحلال العلم الإجمالي بوجود تكاليف في الشريعة الّذي أطرافه تمام الشبهات ومدركه نفس العلم بأنَّ في الشريعة أحكاماً وحراماً وحلالاً بالعلم الإجمالي بالتكليف في ضمن مجموع الأمارات الظنية الّذي أطرافه مجموع الأمارات من اخبار وشهرات وإجماعات منقولة وغيرها ومدركه عدم احتمال كذبها جميعاً ، كما انَّ هذا العلم بدوره منحل بالعلم الإجمالي بوجود تكاليف بنفس المقدار المعلوم في العلمين السابقين ضمن دائرة اخبار الثقات مثلاً فينحل العلم الكبير بالوسط والوسط بالصغير لا محالة ، لأنَّه كلّما كان هناك علمان إجماليان متداخلان وكان المقدار المعلوم من