من أطراف العلم الوسط وامَّا إذا أفرزنا بمقداره من مورد افتراق إحدى الأمارتين عن الأُخرى ولاحظنا الباقي كان العلم الإجمالي فيها باقياً على حاله ، لأنَّ المفروض عدم احتمال كذب الأمارة الأخرى بتمامها وهذا يعني انَّ علمنا الإجمالي بحسب الحقيقة علم إجمالي دائر بين الأقل والأكثر لأنَّه علم بوجود عشرة أحكام في مورد الاجتماع أو أزيد إلى عشرين في موردي الافتراق لأنَّ أي حكم يكون في أحد موردي الافتراق فهو حكم زائد على العشرة المعلومة بالإجمال في دائرة الأمارة الأخرى وحيث انَّ موضوع الأكثر ومورده غير الأقل ـ وهو العشرة ـ لا يكون هذا العلم الإجمالي الدائر بين الأقل والأكثر منحلاً إلى العلم بالأقل والشك في الأكثر فهو نظير العلم بوجود نجس بين هذين الإناءين أو نجسين بين الأواني الثلاث الأُخرى وإذا كان علمنا الإجمالي كذلك كان معناه انَّ معلومنا الإجمالي بالعلم الصغير لا يحرز كونه على كلّ تقدير يحتمل انطباقه مع المعلوم بالعلم الكبير بل يكون كذلك على تقدير كونه في مادة الاجتماع للأمارتين ولا يكون لو كان شيء منه في مادة الافتراق لإحداهما عن الأخرى وهذا يعني انَّ الميزان في الانحلال هو إحراز احتمال التطابق بين المعلومين على كلّ تقدير وعلامته انَّه لو أفرزنا بمقداره من أيّ طرف لم يبق في الأطراف الأُخرى علم إجمالي وهذا غير منطبق في المقام كما هو واضح. تبقى في المقام شبهتان.
إحداهما ـ دعوى انحلال العلم الوسط بالعلم الإجمالي الصغير في دائرة الروايات دون العلم الصغير في دائرة الشهرات ، لأنَّ معلومه لا يزيد على معلوم الأول ولكن يزيد على معلوم الثاني ولو من جهة انَّ المعلوم صحته من الروايات أكثر من المعلوم صحته من الشهرات.
والجواب عليها : أولا ـ بإنكار أصل الدعوى ، فانَّ القيمة الاحتمالية لكلّ شهرة شهرة إِنْ لم تكن أكثر من القيمة الاحتمالية لكلّ رواية خصوصاً إذا كانت مع الوسائط الكثيرة فليست بأقلّ منها وميزان حصول العلم المذكور هو حساب هذه القيم الاحتمالية الموزعة في أطراف كلّ صنف من الأمارات فلا موجب لافتراض زيادة المعلوم صحته من الروايات عن المعلوم صحته من الشهرات أو أمارة أُخرى.
وثانياً ـ انَّ هذه الأكثرية في المعلوم لا أثر لها بلحاظ مادة الاجتماع وانَّما يظهر أثرها