وهذا الجواب من الواضح انه لا يحل الإشكال شيئا فان المستدل يعترف بان ظاهر الخمر هو الخمر الواقعي وانما كان يستفيد شمول الخطاب للتجري من باب ظهور كل تكليف في انه بداعي التحريك والباعثية وان التكليف بإصابة القطع للواقع تكليف بغير مقدور لا يمكن أن يتقيد التكليف بها وهذا نظير الاعتراف باشتراط القدرة وعدم التكليف في موارد العجز رغم صدق عنوان الفعل فيها أيضا وتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في مذهب العدلية ، فان كل ذلك لا ينافي مع اشتراط تعلق التكليف بالمقدور والفعل الصادر عن الاختيار.
واما الاستدلال على حرمة التجري بقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع فحاصله : انه قد ثبت في مقام سابق قبح الفعل المتجري به عقلا فبناء على ان كل ما حكم العقل بقبحه ولزوم تركه حكم به الشرع أيضا يثبت في المقام حرمة التجري شرعا.
والبحث عن صحة صغرى هذا الاستدلال قد فرغنا عنه في المقام الأول المتقدم ويبقى الكلام عن صحة الكبرى وصحة تطبيقها في المقام.
اما البحث عن الكبرى وبشكل موجز يناسب المقام فقد ذكر المحقق الأصفهاني ( قده ) بان الملازمة بين ما حكم به العقل حكم به الشرع بديهية واضحة باعتبار ان الشارع هو سيد العقلاء ورئيسهم فإذا حكم العقلاء بحكم بما هم عقلا كان هو في طليعتهم وعلى رأسهم ، ومن هنا ذكر ان التعبير بالتلازم مسامحة والأصح هو التعبير بالتضمن لاندراج الشارع في العقلاء وضمن بناءهم الّذي هو مدرك هذه القضايا العملية.
وهذا الاستدلال مما لا يمكن المساعدة عليه لما تقدم من ان الحسن والقبح أمران واقعيان ثابتان في لوح الواقع الّذي هو أوسع من لوح الوجود وليسا امرين تشريعيين وحكم العقلاء لا يراد به سوى إدراكهم لهذه القضايا نفس الأمرية لا تشريعهم لها.