بوجوب التمام على من سافر سفرا يظن فيه بالخطر لكونه سفر معصية ولو تبين بعد ذلك عدم الخطر من السفر.
وفيه ـ لو أريد الإجماع المنقول فليس بحجة ، وإن أريد المحصل فقد نقل الخلاف أولا. ولا حجة له بعد أن كانت للمسألة مدارك أخرى عقلية ونقلية ثانيا. على ان الثابت في المسألة الأولى في كلمات الأصحاب استحقاق العقاب وهو أعم من الحرمة. وفي المسألة الثانية يوجد كلام في حرمة الإقدام على الخطر والضرر المظنون بعنوانه لأنه من الإلقاء في التهلكة فيكون الظن أو القطع بالضرر مأخوذا بنحو الموضوعية في التحريم وهو خارج عن بحث التجري المرتبط بالقطع الطريقي ، واما البحث عن مدارك كل من المسألتين الفقهيتين فهو موكول إلى محله من الفقه.
وقد يستدل على حرمة التجري بالروايات الدالة على العقاب بقصد المعصية ولا يبعد أن يكون ظاهر ذلك التجري في الشبهة الموضوعية بأن يكون أصل حرمة فعل ثابتا كبرويا ولكن يقصده المكلف خارجا ، كالنبوي الدال على انه ( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول كلاهما في النار قيل هذا القاتل فما بال المقتول قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنه أراد قتل صاحبه ) (١).
وقد ناقش في الاستدلال بها السيد الأستاذ بأنها على تقدير تماميتها سندا ودلالة لا تدل على أكثر من حرمة قصد المعصية الواقعية فلا ربط لها بالحرام الخيالي وما يعتقده المكلف حراما مع عدم كونه حراما في الواقع (٢).
وهذا الاعتراض غير سديد ، فانه إذا سلم دلالتها على حرمة قصد المعصية فلا فرق حينئذ بين قصد المعصية في مورد لو صدر الفعل منه كان مصادفا للواقع أو لا فانه من حيث قصد المعصية لا فرق بينهما أصلا كما لا يخفى ، كما انه إذا ثبتت حرمة التجري على
__________________
(١) وسائل الشيعة أبواب مقدمة العبادات.
(٢) مصباح الأصول ، ج ٢ ، ص ٢٩.