يمهلون العباد ولا يكتبون بمجرد النية وقصد المعصية ، فان هذه الألسنة بنفسها تدل على ثبوت الاستحقاق الّذي تدل عليه الطائفة الأولى وانما لا فعلية ولا تسجيل منة وفضلا من الله سبحانه لعباده فلا تنافي بين الطائفتين أصلا. وهكذا يثبت عدم الدليل على حرمة التجري شرعا.
الأول ـ قد عرفت عدم اختصاص التجري بفرض القطع بالحرمة بل يجري في كل مورد يتنجز التكليف لعدم وجود مؤمن عن التكليف الواقعي المحتمل ولو جاء به برجاء عدم مصادفة الحرام الواقعي عليه بجميع حصصه وصوره حتى صورة رجائه لعدم المصادفة مع الحرام الواقعي لكون اقدامه تجريا وخروجا عن مراسم العبودية والطاعة لمولاه ومجرد رغبته ورجائه أن لا يصادف الحرام الواقعي لا يرفع موضوع حق المولى.
نعم وقع الكلام فيمن حصل على مؤمن على الارتكاب ولكنه أقدم على المشتبه برجاء مصادفة الحرام كمن شرب مستصحب الحلية برجاء أن يكون هو الحرام الواقعي فذكر المحقق النائيني ( قده ) ان هذا تجر أيضا ويترتب عليه أحكامه.
والتحقيق ـ انه لو أريد اعتبار نفس الفعل الّذي أقدم عليه تجريا وقبيحا فهو غير تام ، لأنه بحسب الفرض له مؤمن شرعي يستند إليه ، وإن أريد اعتبار حالته النفسانيّة وهو شوقه نحو الحرام الواقعي أو عدم مبالاته بحفظ أحكام الشارع وملاكاته تجريا فهذا صحيح فان حق الطاعة التي ندركها لمولانا وخالقنا يشمل مثل ذلك أيضا ، لأنه حق مطلق يستحق صاحبه الانقياد والطاعة المطلقة حتى على هذا المستوى ، إلا ان هذا لا ربط له بشرب المائع برجاء مصادفته للخمر الواقعي بل يرتبط بالفعل النفسانيّ والاستعداد والاهتمام.
الثاني ـ ذهب صاحب الفصول ( قده ) بناء على ان الحسن والقبح يختلفان بالوجوه والاعتبارات إلى القول بوقوع الكسر والانكسار بين قبح التجري وبين المصالح الواقعية للمولى فيقدم الأقوى والغالب منهما ، فربما يرتفع قبح التجري إذا صادف واجبا واقعيا فيه مصلحة كبيرة وربما يشتد قبحه فيما إذا صادف مكروها واقعيا وربما يتعدد