التذكية الا بالتعويل على الأصل المثبت كما لا يخفى.
واما القسم الرابع ـ وهو الشك في تحقق تمام شروط التذكية خارجا ، فإذا كان ذلك بنحو الشبهة الحكمية بان شك في شرطية شيء أو مانعيته عن التذكية فالكلام فيه نظير الكلام في الشبهة الحكمية من القسم السابق الا من حيث الاستصحاب التعليقي فانه لا يجري الا فيما إذا طرأ ما يحتمل مانعيته (١). وإذا كان بنحو الشبهة الموضوعية جرى استصحاب عدم التذكية بنحو العدم النعتيّ أو الأزلي على التفصيل المتقدم ، أو استصحاب عدم الشرط أو الجزء المشكوك في تحققه إذا كانت التذكية امرا مركبا وكان لذلك الجزء أو الشرط حالة سابقة عدمية.
وهكذا يتضح ابتناء الحكم في الأقسام الثلاثة على البحثين الفقهيين المشار إليهما. ولا بأس بالإشارة إلى ان الصحيح في البحث الفقهي الثاني ان التذكية أخذت في موضوع الحلية وصحة الصلاة بما هي مضافة إلى زاهق الروح لا إلى الحيوان ، لأن ظاهر الآية الشريفة ( حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع الا ما ذكيتم ) (٢) ان المقسم في المستثنى والمستثنى منه هو الحيوان زاهق الروح بقرينة ذكر أنواع منه ولعله المستفاد من اخبار الباب أيضا ، وتفصيل ذلك موكول إلى الفقه.
واما فيما يتعلق بالبحث الفقهي الأول فقد ذهب المحقق النائيني ( قده ) إلى ان التذكية امر مركب أي عبارة عن نفس عملية الذبح الشرعي بشروطها مستدلا على ذلك بتفسير اللغويين للتذكية بالذبح ، وبنسبته إلى الذابح في اللغة وفي ألسنة الروايات. وذهب آخرون إلى انه امر بسيط منكرين في ذلك صحة كلام اللغوي أو حجيته في مقام رد كلام المحقق النائيني ( قده ) وان نسبة التذكية إلى الذابح صحيح
__________________
(١) سورة المائدة : ٣.
(٢) والغريب ما جاء في مصباح الأصول ص ٣١٣ من عدم جواز الرجوع إلى الإطلاق الفوقاني لنفي الشرطية أو المانعية المشكوكة بدعوى ان التذكية ليست امرا عرفيا كالبيع ليحمل الدليل الشرعي عليه ، فان التمسك بالإطلاق لنفي القيد ليس متوقفا على عرفية المدلول وتنزيله منزلة ما هو ثابت عندهم بل يتوقف على عرفية الدلالة وهي ثابتة فان السكوت عن ذكر القيد في مقام البيان يدل على انتفاء القيد ثبوتا كما هو منتف إثباتا وهذا واضح كيف والا انسد باب التمسك بالإطلاق في أكثر الفقه حيث ان التشريعات فيها تأسيسية من الشارع ولم تكن ثابتة لدى العرف.