بحسب الحقيقة لأن الموضوع صرف الوجود وهو معلوم على كل حال فالشك في سعة دائرة الامتثال وإمكان تطبيق الواجب على الفرد المشكوك فيجب الاحتياط.
وفي الثاني أي الموضوع المأخوذ بنحو مطلق الوجود يكون الشك في كل فرد منه شكا في موضوع مستتبع لتكليف زائد لأن الحكم ينحل حينئذ إلى عدة قضايا شرطية شرطها تحقق فرد من ذلك الموضوع وجزاؤها فعلية الحكم كما هو مقتضي نهج القضية الحقيقية فمع الشك في كل فرد يتحقق شك في تكليف فعلي زائد مرتبط بذلك الفرد فتجري البراءة عنه.
واما إذا وقع الشك في الطرف الأول أي المتعلق ، فتارة يفرض ان المتعلق ليس له طرف ومتعلق كما في مثل حرمة الفناء أو وجوب التكلم من دون ان يتعلق بشيء فالشك فيه يعني الشك في فعل المكلف نفسه وهذا لا يعقل الا إذا كان امرا تسبيبيا لا فعلا مباشريا إذ لا معنى لأن يشك الفاعل في فعله المباشري الا بعد العمل الّذي هو مجرى قاعدة الفراغ وهو خارج عن البحث ، والشك في تحقق الفعل التسبيبي كالقتل مثلا بإطلاق رصاصة أو رصاصتين من الشك في المحصل وهو من أوضح موارد الشك في الامتثال الّذي هو مجرى الاشتغال لا فيما يستتبع التكليف.
وأخرى يفرض ان المتعلق له طرف فيعقل الشك في المتعلق بلحاظ طرفه ، كما إذا شك في ان هذه النقطة من عرفات ليكون الوقوف فيه وقوفا بعرفة أم لا ، وفي هذه الحالة إذا كانت الشبهة موضوعية لا بد من التفصيل بين الشبهة الوجوبية كما في وجوب الموقوف بعرفة والشبهة التحريمية كما في حرمة الإفاضة من عرفات ، ففي الأولى يجري الاشتغال لأن الشك في سعة الامتثال لا فيما يستتبع التكليف لأن التكليف بوجوب الوقوف بعرفات فعلي معلوم على كل حال ، وفي الثانية تجري البراءة لأن الشك في انطباق عنوان الإفاضة من عرفات في ذلك المورد يستتبع الشك في التكليف لأن هذا الانطباق على نحو مفاد كان الناقصة من قيود التكليف بالحرمة وفعليته لأن المولى انما يحرم ما يصدق عليه ان يكون إفاضة من عرفات أو انه شرب الخمر أو انه كذب فصدق هذه الشرطية من قيود التكليف بالحرمة بخلاف التكليف بالوجوب فان مطابقة الفعل الخارجي مع العنوان الّذي تعلق به الأمر يكون في عهدة المكلف لأنه تحت الأمر والطلب الوجوبيّ بحسب الفرض.