متيقن في الواجبات وانما الشك في الأكثر ، واما في المحرمات فحرمة الأكثر متيقنة والشك في حرمة الأقل ، فارتكاب العشرة حرام وتركها داخل في العهدة على كل حال ويشك في لزوم ترك التسعة أيضا فتجري البراءة.
النحو الخامس ـ ان يكون متعلق الحكم امرا مسببا حاصلا من مجموع افراد الطبيعة ـ بنحو مطلق الوجود ـ أو من فرد منها ـ بنحو صرف الوجود ـ وهنا لا تجري البراءة في الشبهة الوجوبية والتحريمية معا ، لأنه شك في المحصل الا إذا فرض ان متعلق التكليف امر اعتباري منطبق على نفس الفعل فانه حينئذ تجري البراءة أيضا فيما إذا لم يكن وجوبا متعلقا بصرف الوجود كما في الأقسام السابقة.
وقع البحث عندهم في جريان البراءة في المستحبات. ولا إشكال في عدم جريان البراءة العقلية فيها ، لأنها فرع ثبوت العقاب في مورد الشبهة ولا عقاب في ترك المستحب.
واما البراءة الشرعية فقد ذكر السيد الأستاذ في الدراسات ناظرا في كلامه إلى حديث الرفع ان البراءة لا تجري عند الشك في أصل الاستحباب الاستقلالي ، إذ معنى جريانها فيه نفي الاستحباب ظاهرا الملازم مع نفي استحباب الاحتياط ظاهرا ، كما ان معنى جريانها في الواجبات نفي وجوب الاحتياط بالنسبة إليها ، ومن المعلوم ان استحباب الاحتياط ثابت عند الفريقين بلا كلام. نعم تجري البراءة عند الشك في الاستحباب الضمني أي عند الشك في شرطية أو جزئية امر للمركب المستحب ، فانه تجري البراءة عنه استطراقا إلى جواز الإتيان بالباقي بقصد الأمر بالعمل المطلق وعدم لزوم التشريع منه. وان شئت قلت : تجري البراءة عن الوجوب الشرطي لذلك الجزء أو الشرط لا الوجوب التكليفي.
اما بالنسبة إلى الاستحباب الاستقلالي ، بأنا لا نسلم ثبوت استحباب الاحتياط ، فانه لو أريد من ذلك حسن الاحتياط عقلا أو استحبابه الواقعي شرعا الثابت باخبار من بلغ ـ بناء على استفادته منها ـ فهما أجنبيان عن مدلول البراءة الشرعية وحديث