من الملاكات الواقعية المختلطة في مقام الحفظ على البعض الآخر ، فان قدم الملاك الإلزامي على الترخيصي حتى في مرتبة الموافقة القطعية حكم بالاحتياط التام ، وان قدم الملاك الترخيصي على الإلزامي حتى في مرتبة المخالفة القطعية رخص حتى في المخالفة القطعية ، وان قدم الإلزامي على الترخيصي في مرتبة المخالفة القطعية والترخيصي على الإلزامي في مرتبة الموافقة القطعية رخص في أحدهما المخير ان لم يكن في البين مزية لا حد الطرفين والا فالمعين ، وعلى كل حال بحسب المدلول التصديقي الحكائي أي ما هو المنساق من دليل هذا الجعل تكون إرادة الإلزام أو الترخيص متعلقا بالجامع لا بكل طرف مشروطا لأن إتيان المكلف بالطرف الآخر وعدمه ليس له دخل في ملاك هذا اللون من الحكم الّذي هو درجة الاهتمام بالغرض الواقعي في مجال التزاحم الحفظي وهذا فرق أساسي يختلف فيه الحكم الظاهري عن الواقعي.
الثانية ـ لو ورد دليل الترخيص التخييري في مورد العلم الإجمالي كما إذا قال رخصتك في أحدهما أو في كل منهما مشروطا بترك الآخر استفيد منه لا محالة الترخيص التخييري ، واما إذا لم يكن في البين الا مطلقات الترخيص الظاهرة في جعله على كل طرف تعيينا فتقييد كل من الترخيصيين بترك الآخر وان كان لا بأس به على مستوى المدلول الإنشائي للخطاب إذ ليس فيه سوى مئونة التقييد اللازم على كل حال ولكنه بلحاظ المدلول التصديقي الحكائي أي الملاك والمبادي يستلزم تحويل الترخيص في كل طرف بعينه إلى ترخيص للجامع وهذه مئونة زائدة لا يمكن استفادتها من مجرد إطلاق أدلة الترخيص العامة (١).
الثامن ـ ان أدلة الأصول الترخيصية قاصرة عن شمول كل طرف مشروطا بترك الآخر وذلك لأن أدلة الترخيص على أقسام ثلاثة.
__________________
(١) هذه النكتة ان تمت في دليل أصل ترخيصي واحد في الطرفين كالبراءة فلا يتم قطعا فيما إذا كان في كل من الطرفين أصل ترخيصي من غير سنخ الآخر كما إذا كان في أحد الطرفين استصحاب الطهارة وفي الآخر أصالة الطهارة لأن التعارض عندئذ يكون بين دليلين منفصلين قد انعقد ظهورهما في الإطلاق وتم وانما المقدار الحجة من كل منهما يقتضي الترخيصي المشروط في كل طرف المستلزم للترخيص التخييري من دون لزوم تحميل عناية زائدة على مفاد دليل الأصل المطابقي.
هذا مضافا إلى عدم تمامية أصل النكتة لأن الترخيص في الجامع انما تكون فيه مئونة زائدة لو أريد استفادتها من أدلة الترخيص بالمطابقة وبلحاظ المدلول الإنشائي للخطاب لا ما إذا كان ذلك مدلولا التزاميا تصديقيا للترخيص المشروط في كل طرف بعينه.