ونستخلص مما تقدم ان قاعدة منجزية العلم الإجمالي لها عدة أركان لا بد من توفرها جميعا لكي تجب موافقته القطعية وهي على ما يلي :
الركن الأول : العلم بجامع التكليف ، إذ لو لا العلم بالجامع لكانت الشبهة في كل طرف بدوية وتجري فيها البراءة.
ولا شك في وفاء العلم الإجمالي بالجامع بالتنجيز إذا كان علما وجدانيا واما إذا كان ما يعبر عنه بالعلم التعبدي أو العلم الإجمالي بالحكم الظاهري كما إذا قامت البينة مثلا على نجاسة أحد الإناءين فهل يطبق عليه قاعدة منجزية العلم الإجمالي أيضا؟ الصحيح ذلك على تفصيل وتوضيح سيأتي.
الركن الثاني : وقوف العلم على الجامع بحده وعدم سرايته إلى الفرد ، إذ لو كان الجامع معلوما في ضمن فرد معين لكان علما تفصيليا لا إجماليا ولما كان منجزا الا بالنسبة إلى ذلك الفرد بالخصوص ، وسريان العلم بالجامع إلى الفرد يسمى بانحلال العلم الإجمالي ، وسيأتي الحديث عن ضابط الانحلال واقسامه.
الركن الثالث : ان يكون كل طرف من أطراف العلم مشمولا في نفسه وبقطع النّظر عن التعارض الناشئ من العلم الإجمالي لدليل الأصل الترخيصي لأن منجزية العلم الإجمالي على ما تقدم انما تكون في طول تساقط الأصول في أطرافه فلو كان أحد الأطراف غير مشمول لدليل الأصل المؤمن لسبب أو آخر جرى الأصل في الطرف الآخر بدون محذور.
نعم هذه الصياغة لا تلائم مسلك العلية إذ بناء عليه يكون العلم الإجمالي بذاته منجزا لوجوب الموافقة فمجرد كون الأصل في أحد الطرفين لا معارض له لا يكفي لجريانه بل لا بد من افتراض نكتة في المرتبة السابقة تعطل العلم الإجمالي عن التنجيز ليتاح للأصل المؤمن ان يجري.
ومن هنا صاغ صاحب هذا المسلك وهو المحقق العراقي ( قده ) الركن الثالث صياغة أخرى حاصلها : ان تنجيز العلم الإجمالي يتوقف على صلاحيته لتنجيز معلومه على جميع تقاديره فإذا لم يكن صالحا لذلك في أحد الطرفين فلا يكون منجزا لأنه