وثانيا ـ لا يعقل فرض التعارض بين الأصل الشرعي مع الأصل العقلي لكونه تعليقيا ، فلو فرض ترخيص الشارع في أحد الطرفين حكم العقل لا محالة بلزوم الاجتناب عن الآخر تجنبا عن المخالفة القطعية لا إيقاع المعارضة والمصادمة مع الأصل الشرعي.
المورد الثاني ـ إذا فرض ان أحد طرفي العلم الإجمالي ليس فيه أصل إلزاميّ ولا ترخيصي ، وذلك فيما إذا فرض ان الشك كان في أصل التكليف وكانت الشبهة وجوبية لا تجري فيها أصالة الحل ولا يجري فيه الاستصحاب النافي أيضا اما للقول بعدم جريانه في الشبهات الحكمية أو لتوارد الحالتين وقيل بان مثل حديث الرفع والحجب لا يشمل في نفسه أطراف العلم الإجمالي فانه حينئذ يجري الأصل الترخيصي في الطرف الآخر بناء على مسلك الاقتضاء دون العلية.
وهكذا يتضح ترتب الثمرة العملية بين المسلكين.
قد يتفق طولية أحد طرفي العلم الإجمالي بالنسبة للطرف الثاني ، كما إذا افترض ان وجوب الحج على المستطيع متوقف على عدم وجوب وفاء الدين فعلم إجمالا بوجوب الحج أو الوفاء بالدين ، وكما إذا نذر الحج مثلا فيما إذا لم يجب عليه الوفاء بالدين فيعلم إجمالا بوجوب أحدهما.
وقد وقع البحث في منجزية مثل هذا العلم الإجمالي ، والمعروف عندهم جريان الأصل الترخيصي عن وجوب الوفاء بالدين المنقح لموضوع وجوب الحج ، وقد أورد المحقق العراقي ( قده ) هذه المسألة نقضا على مسلك العلية وحاول التخلص منه (١).
تقريب النقض : انه بناء على العلية لا يمكن إجراء الأصل حتى في طرف واحد من أطراف العلم الا بعد انحلال العلم بأصل إلزاميّ في طرف آخر أو جعله بدلا عن الواقع وكلا الأمرين غير حاصل في المقام الا في رتبة متأخرة عن جريان الأصل الترخيصي وهو لا يصح على مسلك العلية.
__________________
(١) نهاية الأفكار ، الجزء الثالث ، ص ٣١٥.