المراد بالخروج عن محل الابتلاء حالات عدم صدور الفعل بحسب طبعه عن المكلف لتوقفه على مقدمات وعنايات فائقة أو طويلة بحيث يرى كأنه غير مقدور عرفا وان كان مقدورا عقلا كما في استعمال كأس في بلد لا يصل إليه عادة أو تتنفر الطباع عن الإقدام عليه كما في أكل الخبائث مثلا ، والجامع ان يضمن انصراف المكلف عن
__________________
الشك الإجمالي ـ فلا وجه لسقوطه فيشمله دليل الأصل المؤمن ويكفي ان يجري التأمين في مورد بأحد العنوانين المنطبقين عليه ولا يشترط جريانه عن جميع العناوين ، نعم بناء على مسلك علية العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعية تكون الحرمة المعلومة في أحد الطرفين بهذا العنوان الإجمالي مما يجب الفراغ اليقيني عنه ولا يمكن جريان التأمين عنه حتى بعنوان آخر تفصيلي غير متعارض فيجب الاجتناب عن الطرف الباقي.
الثاني ـ ان الفرد القصير أعني ما سوف يرفع اضطراره به عنوان إجمالي لا يمكن اقتحامه ومخالفته الا بارتكاب الطرفين لأنه صالح للانطباق على كل منهما وهذا يعني ان مخالفة أحد طرفي العلم الإجمالي بنفسها مخالفة قطعية لا يجري الترخيص الشرعي فيه في نفسه فيجري الأصل في الطرف الآخر بلا معارض اما على مسلك الاقتضاء فواضح واما على مسلك العلية فلتنجز أحد طرفيه بمنجز آخر والمتنجز لا يتنجز والعلم الإجمالي لا بد وان يكون صالحا لتنجيز كلا طرفيه في عرض واحد.
وكلا الوجهين قابل للمناقشة : اما الثاني فلان العنوان الإجمالي القصير المفروض تعينه واقعا والشك في حرمته فيصح التأمين عنه وكون إحراز ارتكابه لا يكون الا بارتكاب الطرفين الّذي يكون مخالفة قطعية لا يمنع عن صحة التأمين عنه بعنوانه الإجمالي كما لا يعني تنجز حرمة الواقعية المحتملة فان هذه المخالفة القطعية نشأت بلحاظ ضمن الفرد الآخر إليه لا بلحاظ القطع بحرمة نفس ذلك الفرد الّذي هو مصب التأمين ، وان شئت قلت : يكفي جريان الأصل بالعنوان الإجمالي لنفي التبعة الزائدة بلحاظه لو اقتحم الطرفين ولو فرض ان إحراز اقتحامه ملازم مع اقتحام شيء آخر يقطع بالمخالفة في أحدهما فان إمكان إحراز الاقتحام بلا وقوع مخالفة قطعية ليس شرطا في جريان الأصل المؤمن وانما الشرط إمكان الاقتحام بدونه واقعا وهذا حاصل في المقام.
واما الأول ـ فلان الأصل في كل من الطرفين بالعنوان التفصيليّ بلحاظ ما بعد رفع الاضطرار أيضا طرف للمعارضة في هذا العلم الإجمالي غاية الأمر لا تشخيص للمتعارضين لا للمعارضة. توضيح ذلك : ان الأصل في كل من الإناء الأسود والأحمر بحسب الحقيقة له معارضان من أول الأمر ، أحدهما الأصل الجاري في الآخر بلحاظ الآن ، والآخر الأصل الجاري فيه بلحاظ ما بعد رفع الاضطرار إذا كان باقيا وهذا الأخير وان كان تقديريا مشروطا الا ان تحقق الشرط في أحدهما محرز بحسب الفرض فيعلم ان أحد الأصلين المشروطين الجاريين في الطرفين بالعنوان التفصيليّ معارض بالأصل في الطرف الآخر وهذا المقدار كاف في تحقق الإجمالي والتعارض في إطلاق دليل الأصل الترخيصي سواء كان ذلك بملاك عقلي هو قبح الترخيص في المخالفة القطعية أو بملاك عقلائي هو ارتكاز المناقضة مع الحرمة المعلومة ، لأنه لا يشترط في التعارض تشخيص طرفي المعارضة بعد إحراز أصل التعارض وانما الّذي ينفع عدم إحراز أصل التعارض.
هذا مضافا : إلى ورود النقض بما إذا بنى المكلف على إتلاف أحد الطرفين لا بعينه بعد حصول العلم الإجمالي له بحرمة أحدهما أو احتمل ان أحد الطرفين لا على التعيين لديه سوف يتلف من نفسه أو يضطر إلى ارتكابه فانه في كل ذلك ينبغي ان يقال بعدم منجزية العلم الإجمالي بعد التلف لا بلحاظ مرحلة البقاء لأنه لا يعلم بالتكليف الفعلي بقاء ولا بلحاظ الفرد القصير والطويل لأن الأصل في الطرف الباقي بعنوانه التفصيليّ لا يعارض بالأصل في الطرف التالف بلحاظ ما قبل تلفه لكونه عنوانا إجماليا مرددا بين الطرفين صالحا للانطباق على كل منهما.