الأمر بين حكمين يكون امتثال أحدهما مساوقا لامتثال الآخر عقلا دون العكس ، وهذا يشمل فرض الدوران بين الأقل والأكثر بحسب الاجزاء والشرائط كما يشمل فرض الدوران بين التعيين والتخيير الشرعي والتعيين والتخيير العقلي أي الجامع والحصة. وفيما يلي نستعرض البحث في كل واحد من هذه الأقسام.
كما إذا تردد امر الصلاة بين تسعة اجزاء أو عشرة ، وقد اختلفت كلمات المحققين فيه إلى ثلاثة أقول :
١ ـ القول بجريان البراءة عن الزائد مطلقا ، وهو مختار الشيخ في الرسائل.
٢ ـ القول بعدم جريانها مطلقا ، وهو مختار المحقق الخراسانيّ في حاشيته على الكفاية.
٣ ـ القول بجريان البراءة الشرعية دون العقلية ، وهو مختار صاحب الكفاية في الكفاية.
وحيث ان وجوب الأكثر مشكوك ومشمول لأدلة البراءة عند الشك في التكليف في نفسه فيكون منهج البحث هو التفتيش عما يكون مانعا عنها وبرهانا على عدم جريان التأمين عن هذا الوجوب المشكوك.
وفيما يلي نستعرض الموانع التي ذكرت أو يمكن ان تذكر في هذا الصدد مع التعليق عليها.
والمانع الأول ـ وهو يقوم على أساس دعوى وجود العلم الإجمالي المانع عن إجراء البراءة وليس هو العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو وجوب الزائد لينفي ذلك بان وجوب الزائد لا يحتمل كونه بديلا عن الأقل فكيف يجعل طرفا مقابلا له في العلم الإجمالي بل هو العلم الإجمالي بوجوب الأقل أو وجوب الأكثر المشتمل على الزائد الّذي هو أمر مباين مع الأقل لأن الوجوب ارتباطي والارتباطية تساوق الوحدة والوحدة تساوق التباين إذ لا يتعقل أقل وأكثر حقيقة الا مع فرض الكثرة فيكون العلم الإجمالي في المقام بحسب الحقيقة علما إجماليا بين متباينين ومعه لا يمكن إجراء الأصل لنفي وجوب الزائد لكونه جزء من أحد طرفي العلم الإجمالي.