اللهم الا إذا قلنا بتمامية الاحتمال الثاني من المحتملات الثلاثة المتقدمة في تفسير كلام الكفاية ، والّذي بناء عليه يكون الاستثناء من أدلة الجزئية والشرطية تخصيصا واقعيا فانه لا يرد عليه حينئذ ما في الحاشية إذ يثبت بأدلة البراءة عندئذ ان الحكم الواقعي الفعلي هو الأقل.
والتحقيق فيها على ضوء ما تقدم في الدوران بين الأقل والأكثر بلحاظ الاجزاء هو جريان البراءة عن وجوب الشرط سواء كان شرطا لمتعلق التكليف كالطهارة في الصلاة أو شرطا لمتعلق المتعلق كاشتراط الإيمان في عتق الرقبة ، لأن مرجع الشرطية إلى تقيد الواجب بقيد زائد وانبساط الأمر على التقيد كما تقدم في محله ، فالشك فيها شك في الأمر بالتقيد المذكور زائدا على الأمر بذات المقيد وهو من الدوران بين الأقل والأكثر بلحاظ ما يدخل في العهدة وان لم يكن كذلك بلحاظ حد الواجب أو الوجوب ، وهذا يعني انحلال العلم الإجمالي انحلالا حقيقيا إلى علم تفصيلي بالأقل وشك بدوي بالزائد بلحاظ ما يدخل في العهدة فتجري البراءة عنه.
ثم ان للمحقق العراقي ( قده ) تفصيلا في جريان البراءة بين ما إذا كان الشرط للمتعلق أو لمتعلق المتعلق ، ولكن بعد التأمل في بيانه يظهر ان مرد كلامه إلى ان الشرطية المحتملة على تقدير ثبوتها تارة تتطلب من المكلف عند الإتيان بالأقل ان يكمله ويضم إليه شيئا ، وأخرى تتطلب منه ان ينصرف عما فعله رأسا ويلغيه ويأتي بفرد آخر واجد للشرط. مثال الأول ان يعتق رقبة كافرة فان شرطية الإيمان في عتق الرقبة تتطلب منه ان يجعلها مؤمنة ، وحيث ان جعل الكافر مؤمنا ممكن فالشرطية لا تقتضي إلغاء الأقل رأسا بل تكميله وذلك بان يجعل الكافر مؤمنا عند عتقه له فيعتقه وهو مؤمن ـ وكل شروط المتعلق من هذا القبيل بحسب الحقيقة ـ ومثال الثاني ان يطعم فقيرا غير هاشمي ، فان شرطية الهاشمية تتطلب منه إلغاء ذلك رأسا وصرفه إلى الإتيان بفرد جديد من الإطعام ، لأن غير الهاشمي لا يمكن جعله هاشميا ، ففي الحالة الأولى تجري البراءة عن الشرطية المشكوكة ، لأن مرجع الشك فيها إلى الشك في إيجاب ضم أمر زائد على ما أتى أو يريد ان يأتي به في الخارج ، وهو معنى العلم