إذا تردد الا بشيء بين كونه جزء من الواجب أو مانعا عنه فمرجع ذلك إلى العلم الإجمالي بوجوب زائد متعلق اما بالتقيد بوجود ذلك الشيء أو بالتقيد بعدمه ، وفي مثل ذلك يكون هذا العلم الإجمالي منجزا وتتعارض أصالة البراءة عن الجزئية مع أصالة البراءة عن المانعية فيجب على المكلف الاحتياط بتكرار العمل مرة مع الإتيان بذلك الشيء ومرة بدونه.
وقد يقال : ان العلم الإجمالي المذكور غير منجز ولا يمنع عن جريان البراءتين معا بناء على بعض صيغ الركن الرابع لتنجيز العلم الإجمالي ، وهي الصيغة القائلة بان تعارض الأصول مرهون بأداء جريانها إلى الترخيص عمليا في المخالفة القطعية ، فان جريان الأصول في المقام لا يمكن ان يؤدي إلى المخالفة القطعية العملية لأن المكلف اما ان يأتي بذلك المشكوك أو يتركه وعلى كل من التقديرين تكون المخالفة احتمالية. نعم قد تحصل المخالفة القطعية بترك الصلاة رأسا الا ان هذا مما لا اذن فيه من قبل الأصلين لأنها مخالفة قطعية على كل حال من ناحية سائر الاجزاء المعلومة الوجوب ، فما يثبت بالأصلين من الترخيصين لا يمكن ان يؤدي إلى المخالفة القطعية العملية.
ولكن قد عرفت عدم صحة تلك الصياغة ، مضافا إلى ان المخالفة العملية تصبح ممكنة إذا فرض ان الجزئية أو المانعية كانت قربية فانه يمكن للمكلف ان يأتي بالفعل أو الترك على وجه غير قربي فيكون مخالفا للمعلوم بالإجمال على كل تقدير ويكون جريان الأصلين معا مؤديا إلى الاذن في ذلك فيتعارض الأصلان ويتساقطان.
وبهذا يعرف بطلان ما يظهر من عبائر الشيخ الأعظم ( قده ) من جريان الأصل عن المانعية والشرطية معا لكون الدوران بين المحذورين ولا يمكن مخالفتهما القطعية.
ثم ان السيد الأستاذ قد نقض عليه بموارد الدوران بين القصر والتمام الّذي أفتى فيه بالاحتياط مع انها بالدقة داخلة في مسألتنا فان المكلف بعد التشهد يدور امره بين ان يجب عليهالسلام أو لا فتكون زيادة مانعة.
أقول : هذا النقض يوجد فرق ظاهري بينه وبين المقام ، ذلك لأن المكلف هنا يعلم إجمالا اما بوجوب السلام عليه أو وجوب تركه الا ان الواجب ليس مطلق تركه