وبالجملة المجعول الإنشائي للمولى وان فرض هو إيجاب الغرض كما لو قال طهر ثوبك للصلاة مثلا وبيان سببية الغسلة الثانية للطهارة ليس امرا مجعولا وموضوعا بالوضع الشرعي ولكن حيث ان القرينة العامة في باب المحصلات الشرعية تصرف ظهور اللفظ عن لزوم تحصيل الغرض كائنا ما كان إلى ما ذكرناه يصبح السبب هو الّذي يتنجز بمقدار تبيانه شرعا فهو الواجب بحسب الدقة والداخل في عهدة المكلف ويكون قابلا لإيجاب الاحتياط تجاهه فتجري البراءة عنه عند الشك في دخالة الزائد فيه كما تجري البراءة عن وجوب الجزء الزائد المحتمل دخله في الغرض الأقصى.
وعلى هذا الأساس تجري البراءة عن شرطية شيء أو مانعيته في الوضوء السبب للطهور. هذا إذا لم نقل بان الطهور بنفسه اعتبار شرعي منطبق على نفس الأفعال الخارجية والا فجريان الأصل فيه واضح على ما حققناه مفصلا في علم الفقه.
الوجه الثالث ـ ان البراءة لو جرت عن سببية الأكثر فهي لا تثبت سببية الأقل للطهارة والمفروض تقيد الواجب واشتغال الذّمّة بها للزوم تحصيلها في الصلاة فيجب الاحتياط.
وفيه ـ ما اتضح من الجواب على الوجه السابق من ان الّذي يتنجز ويدخل في العهدة ليس هو المسبب مطلقا بما هو بل بالمقدار المبين من سببه من قبل الشارع.
إذا شك في إطلاق دخالة جزء أو شرط في الواجب الارتباطي بان علم دخالته في حال الصحة وشك في دخالته في حال المرض مثلا ، فهذا مرجعه بحسب الحقيقة إلى دوران الواجب بين الأقل والأكثر بلحاظ حالة الشك ، فإذا لم يكن لدليل الجزئية أو الشرطية إطلاق لها وانتهى الموقف إلى الأصل العملي جرت البراءة عن وجوب الزائد في هذه الحالة. وهذا على العموم واضح لا غبار عليه. ولكن قد وقع الإشكال في حالتين من هذه الحالات ، إحداهما حالة الشك في إطلاق الجزئية أو الشرطية لصورة نسيان الجزء أو الشرط ، والأخرى حالة الشك في إطلاقهما لحالة تعذره. فالبحث في مقامين :