يتبع دليله الّذي يأمر به بنحو صرف الوجود أو مطلق الوجود. والمراد بالمقدار المستطاع الّذي جعل حدا أقصى للتكليف المستطاع عرفا لا عقلا أي ما يقابل الحرج والمشقة التي تعتبر عرفا عدم الاستطاعة ، والقرينة على هذا الفهم للاستطاعة نفس التعبير في مورد الحديث ( لو وجب لما استطعتم ولو تركتم لكفرتم ) بعد وضوح استحالة التكليف بغير المقدور عقلا. وبهذا التفسير للاستطاعة الوارد في الحديث يظهر الجواب على الإشكال الثاني أيضا.
واما الإشكال الأول ، فجوابه : انه من المعقول افتراض جملة من الأحكام واجدة للملاك اللزومي واقعا الا انه لوجود محذور في إبدائها ابتداء أو للحاجة إلى حصول نوع تنبه وتوجه إليها من قبل المكلفين لا تشرع الا بعد السؤال أو الإلحاح من قبل المسلمين نظير ما في الآية الكريمة ( يا أيها الّذي آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم وان تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنا والله غفور حليم ) (١).
بناء على إرادة الأحكام منها لا المعاجز ، فانه لا يناسب مع كون الخطاب للمؤمنين ولا الاخبار عن القضايا الخارجية فانها لا يناسب نزول القرآن الّذي هو كتاب تشريع وآيات.
وهكذا يظهر وجود معنى معقول لهذا الحديث الا انه بناء على هذا المعنى يكون الحديث أجنبيا عن محل الكلام لأنه يدل على ان الحد الأقصى للامتثال ان لا يلزم منه حرج ومشقة ، وأين هذا من مسألة لزوم الباقي بعد تعذر الجزء أو الشرط؟
وهنا أبحاث فقهية لا ينبغي التعرض لها لعدم ارتباطها ببحث الأقل والأكثر وانما تطلب من مواضعها في الفقه فنقتصر في الكلام على ثلاث جهات :
الجهة الأولى ـ في تصوير أقسام الجعل الضمني الّذي ينتج مبطلية الزيادة ثبوتا ، وهي كما يلي :
الأول ـ ان يؤخذ عدم الزيادة شرطا في الواجب ، ولا إشكال في معقوليته إذ يمكن
__________________
(١) سورة المائدة : آية ١٠١.