ومنها ـ حديث الرفع المشهور وقد رواه في الخصال بلسان ( رفع عن أمتي تسعة وعد منها ما لا يعلمون وعطف عليه ما اضطروا إليه واستكرهوا عليه ... إلخ ) (١).
والكلام فيه يقع في أربعة مقامات.
الأول ـ في فقرة الاستدلال منه.
الثاني ـ في شمولها للشبهات جميعا.
الثالث ـ في فقه الحديث عموما وما قد يلقيه من ضوء على الاستدلال به على البراءة.
الرابع ـ في سنده.
اما المقام الأول ـ فالفقرة التي يستدل بها من الحديث قوله ( وما لا يعلمون ) المعطوف على ما رفع عن الأمة ، ودلالتها على البراءة الشرعية مبنية على ان يكون الرفع ظاهريا لا واقعيا فانه كما يوجد وضع ورفع واقعيان للتكاليف كذلك يتصور رفع ووضع ظاهريان لها ويعني رفع إيجاب الاحتياط من ناحيتها ووضعه.
ومن هنا يستشكل على الاستدلال بان هذا خلاف الظاهر الأولي للرفع في إرادة الرفع الواقعي ولا أقل من انه ليس ظاهرا في الرفع الظاهري فيكون مجملا.
وهذا الاستشكال ينحل إلى دعويين :
الأولى ـ ان ظاهر الرفع هو الواقعي لا الظاهري ، وذلك لأن إرادة الرفع الظاهري تتوقف على ارتكاب عناية اما في مادة الرفع بان لا يراد منه الرفع الحقيقي للحكم المجهول بل ما يكون كأنه رفع له أو في نسبة إلى ما لا يعلمون فيراد الرفع الحقيقي من المادة ولكن لا للحكم المجهول بل لإيجاب الاحتياط من ناحيته وكلتا العنايتين على خلاف الأصل.
الثانية ـ انه لو أريد الرفع الواقعي فلا يمكن إثبات ما هو المطلوب ، إذ في موارد الشبهات نعلم عادة بأنه لو ثبت الحكم الواقعي في حق العالم فهو ثابت في حق الجاهل
__________________
(١) الخصال : باب التسعة ، ح ٩.