وبإحدى هاتين الطريقتين نستطيع تخريج الكثير من الحقوق والمرتكزات العقلائية المستجدة بعد عصر المعصومين عليهمالسلام.
الجهة الثامنة ـ في المراد من فقرة ( لا ضرار ) في الحديث ، وقد ذكرنا فيما سبق ان الضرار هو تعمد الضرر وتقصيده باستخدام حق من الحقوق بنحو يوقع الضرر بالغير ، ومن هنا يكون ذلك الحق كأنه سبب وذريعة للإضرار بالآخرين ، ومن هنا يكون المنفي بلا ضرار امرا زائدا على أصل حرمة الضرر أو عدم الحكم الضرري وهو نفي أصل الحق الّذي قد يستوجب تمسك المكلف به لإيقاع الضرر المحرم بالآخر وهو في مورد الرواية حق إبقاء الشجرة وتملكها من قبل سمرة بن جندب.
وتوضيح ذلك : ان الحكم قد يكون بذاته ضرريا كما في لزوم البيع الغبني وقد يكون ضرريا بتوسط إرادة مقهورة للحكم كما في ضررية وجوب الوضوء فان الضرر وإن كان في طول إرادة الوضوء إلاّ انها إرادة مقهورة ومن هنا يكون الحكم بالوجوب ضرريا ، وثالثة يكون ضرريا بتوسط إرادة غير مقهورة كما في جواز الدخول إلى حائط الأنصاري بلا استئذان. ولا ضرر ينفي الأقسام الثلاثة للضرر معا أي حتى الحكم الضرري في المورد الثالث باعتبار ما تقدم من ان لا ضرر ينفي الوجود الاستساغي للضرر أو ينطبق على الجواز المذكور باعتباره سببا له ولو عرفا ، إلاّ ان هذا المقدار من نفي الحكم لا يكفي لمنع سمرة بن جندب عن عدم الإضرار بالأنصاري في دخوله إذا كان عاصيا لهذا الحكم وأراد الدخول بلا استئذان ، وهنا يصل دور لا ضرار لنفي موجب إمكانية الإضرار المحرم على سمرة بن جندب بالتمسك بحق من حقوقه بنحو يضر بالآخرين ولو كان محرما عليه ، فلا ضرار نفي للضرر الحرام بلحاظ ما في الشريعة لا نفي للضرر بلحاظ ما في الشريعة ، ومعنى ذلك انه ينفي سبب وقوع الضرر الحرام وهو في المقام حق إبقاء الشجرة في حائط الأنصاري فيرتفع هذا السبب ويجوز للأنصاري ان يقلع شجرته ويرم بها وجهه.
وبهذا يظهر الجواب عمّا مضى من الاعتراض في كيفية تطبيق القاعدة في الحديث على قصة سمرة بن جندب ، حيث أشرنا فيما سبق بان هذا التطبيق ليس