إذا استلزم تصرف المالك في ماله الضر كما إذا أراد ان يحفر بالوعة في داره وكان مضرا بالجار فهل تقدم سلطنة المالك أو تقدم القاعدة؟ والكلام في هذا التطبيق من تطبيقات القاعدة يقع في مقامين :
المقام الأول ـ في ما تقتضيه القواعد الأولية بقطع النّظر عن القاعدة.
المقام الثاني ـ في ملاحظة القاعدة ونسبتها إلى القواعد الأولية.
اما المقام الأول ـ فقد يتوهم اننا لو قطعنا النّظر عن قاعدة لا ضرر كان مقتضى قاعدة السلطنة جواز التصرفات الضارة بالآخرين إذا كان تصرفا في ملكه ، إلاّ ان هذا الكلام غير تام من وجوه :
الأول ـ ان هذه القاعدة لم ترد في رواية معتبرة ، وانما مدركها الإجماع والسيرة وهما دليلان لبيان يقتصر فيهما على القدر المتيقن وهو غير موارد الإضرار بالآخرين.
الثاني ـ لو فرض دليل لفظي معتبر مع ذلك لم يكن فيها إطلاق ، وذلك اما باعتبار احتمال ان يراد بهذه القاعدة نفي الحجر على المالك وان الأصل الأولي في الإنسان المالك لشيء عدم الحجر عليه إلاّ ما يثبت بدليل خاص فلا تدل القاعدة على جواز كل تصرف وانما تنفي الحجر فنحتاج في إثبات جواز كل تصرف في نفسه إلى دليل آخر ، أو باعتبار انها وإن كانت تدل على جواز التصرف إلاّ انها تدل على جوازه من حيث هو تصرف أو إتلاف للمال وامّا المنع من ناحية أخرى تكليفا أو وضعا فلا يمكن ان ينفي بهذه القاعدة ومنها حرمته من ناحية كونه إضرارا بالآخرين.
ثم ان للمحقق العراقي ( قده ) كلاما آخر في مقام المنع عن قاعدة السلطنة هنا ، وهو إيقاع المعارضة بين إطلاق سلطنة المالك على التصرف في داره مثلا وإطلاق سلطنة الجار وحقه في جداره.
وفيه : اننا لو سلمنا إطلاق القاعدة لكل أنحاء التصرف فلا تعارض في المقام إذ المستفاد منها بقرينة كلمة ( على أموالهم ) تجويز التصرفات التكوينية أو الإنشائية الاعتبارية كالبيع والإجارة في المال وليس المستفاد منها ثبوت حق المحافظة ونحو ذلك فانه ليس مصداقا للتصرف في المال ليكون مشمولا لإطلاقها.