وقد يحاول دفع الشبهة بضم الاستصحاب الموضوعي ، بأن يستصحب تارة عدم البيان. وجوابه : حينئذ انه لا يثبت عنوان الحجب الوجوديّ ، وأخرى يستصحب الحجب الثابت في أول أزمنة تشريع التكليف وقبل بيانه للعباد. وفيه : ان الحجب لا يصدق الا مع تعمد الإخفاء وعدم البيان وهذا لا يصدق على البرهة القصيرة التي تمر على التكليف وهو في طريق الإيصال إلى العباد.
والصحيح : في دفع الشبهة. ان الحجب إذا أضيف إلى الله بما هو خالق لا بما هو مولى ومشرع يكون صادقا حتى على عدم الوصول إلى المكلف لأن الاحتجاب عنه أيضا مضاف إليه تعالى بما هو خالق كل شيء بل يشمل على هذا حتى الشبهات الموضوعية لأن حجب الموضوع أيضا مضاف إليه تعالى بما هو خالق ويمكن تعيين ان المضاف إليه هو ذلك تارة بدعوى ظهور اسم الجلالة فيه ، وأخرى باعتبار ان إرادة حجب الشارع بما هو شارع بعيد في نفسه غير مناسب مع سياق الحديث ، إذ ما يكون المولى بنفسه في مقام إخفائه من تكاليفه لا يكون في معرض توهم مسئولية العباد عنها ويكون عرفا مناقضا مع فرض المسئولية والإدانة فيكون مفاد الحديث على هذا كأنه الاخبار عن ثبوت أحد الضدين بانتفاء الآخر وهو مستهجن عرفا وهذا بنفسه يبعد هذا الاحتمال ويعين ان تكون الإضافة إليه تعالى بما هو خالق (١). وعلى هذا فلا يكون هناك حجب واحد عن مجموع العباد كما هو على الاحتمال الآخر بل ينحل بعدد العباد بمقتضى التقابل بين الحجب عن العباد والوضع عنهم.
وهذا خير دليل من السنة على البراءة في الشبهة الحكمية لتماميته دلالة وسندا.
ومن الروايات المعروفة ( كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه ) وقد وردت بصيغ عديدة.
__________________
(١) هذا قابل للمناقشة خصوصا مع ان السؤال عما أخفاه الله من العباد كان امرا واقعا في هذه النبوة كالنبوة كالنبوات السابقة حتى جاء لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم. مضافا إلى إمكان دعوى ظهور الحجب في المباشرة بحيث يكون التكتم والإخفاء منسوبا إليه مباشرة وهذا غير انتساب الشبهة وعدم العلم إليه تعالى باعتباره خالقا لكل شيء ولا أقل من الاحتمال والإجمال.