الموارد المختلفة بحيث يستفيد السامع تطبيقها بالفعل وهذا لا يناسب مع كون القضية إخبارية تجمع حيثيات وقواعد متعددة لا يمكن ان يرجع إليها المكلف في مجال التطبيق.
والّذي يقوى في النّفس إذا صحت الرواية ان المقصود النّظر إلى مرحلة البقاء وان ما أخذه المكلف وكان حلالا له على أساس قاعدة شرعية يبقى حلالا ولا ينبغي ان يوسوس فيه وفي مناشئ حصوله حتى يستبين خلافه أو تقوم به البينة وبهذا تكون أجنبية عن البراءة (١). كما انه على فهم المحقق العراقي ( قده ) أيضا لا يمكن ان يستفاد منها البراءة إذ ليست في مقام جعل البراءة كما ان في الأمثلة المذكورة لا يوجد ما يكون موردا لها.
الصيغة الثالثة ـ ما وجد في الكتب الأصولية من ( ان كل شيء حلال حتى تعرف انه حرام ) وهي واضحة الدلالة على البراءة الا انها لا وجود لها في كتب الحديث.
هذه أهم ما يمكن ان يستدل به من الأدلة على البراءة الشرعية وقد اتضح ان ما تم منها آيتان ورواية واحدة هي حديث الحجب.
بقي الاستدلال على البراءة بالاستصحاب وذلك بإحدى صيغ ثلاث :
١ ـ استصحاب عدم التكليف الثابت قبل البلوغ.
٢ ـ استصحاب عدم جعل التكليف الثابت قبل الشرع أو في أول الشريعة وقبل التشريع.
٣ ـ استصحاب عدم التكليف الثابت قبل تحقق موضوع التكليف المشكوك أو قيوده.
__________________
(١) هذا أيضا خلاف ظاهر الصدر ( كل شيء هو لك حلال حتى تعرف انه حرام ). خصوصا مع كلمة ( بعينه ) الظاهر في ان الشك في أصل حرمة شيء لا في بقائها.
وهنا احتمال آخر وهو ان يكون نظر الرواية إلى ان العلم الإجمالي بوقوع المحرمات وثبوتها في الجملة لا يكون مانعا عن ثبوت الحلية الثابتة في كل مورد مورد بدليلها فالحديث متجه إلى هذه الناحية الا إلى جعل أصالة الحل. ويشهد له كلمة ( بعينه ) فيكون النّظر إلى عدم مانعية العلم الإجمالي في مجموع الشبهات ـ وهو علم إجمالي غير محصور ـ في رفع القواعد المؤمنة الظاهرية.