التنبيه الأول ـ قد يستشكل بأنه لو جرى الاستصحاب ـ بأي صيغة من الصيغ المتقدمة ـ فسوف يكون رافعا لموضوع دليل البراءة بناء على حكومة الاستصحاب على البراءة وحيث انه يجري في تمام الشبهات الحكمية التي تجري فيها البراءة فيلزم من جريانه إلغاء دليل البراءة.
وقد أجاب عن هذا الإشكال السيد الأستاذ في تقرير الدراسات بوجهين :
١ ـ ان دليل البراءة لم تؤخذ بشرط لا من حيث الاستصحاب بل يدل على التأمين في الشبهات فلعله تأمين بنكتة الاستصحاب ومع عدم إحراز التعدد يكون مفاد الدليل حجة.
وفيه : ان هذا خلاف ظاهر أدلة البراءة فانها قوية الدلالة على ان التأمين المجعول فيها انما هو بملاك الشك وعدم العلم بالتكليف لا بملاك سبق عدم الحكم كما هو واضح ومقتضى التطابق بين مرحلة الإثبات والثبوت ان الحكم المراد بيانه أو جعله بهذه الأدلة هو قاعدة التأمين لمجرد الشك لا لسبق عدم التكليف.
٢ ـ بيان ثمرات وفوائد لجعل البراءة فينزل دليله عليها.
منها ـ مورد الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين فانه تجري البراءة فيه دون الاستصحاب لأن أصل التكليف يعلم بجعله واستصحاب عدم تقييده بالجزء أو الشرط الزائد معارض باستصحاب عدم إطلاقه.
وفيه : ان استصحاب عدم الإطلاق لا يجري لأنه لو أريد إثبات التقييد به فهو مثبت ولو أريد إثبات أثر التقييد وهو لزوم الإتيان بالزائد فموضوعه التقييد لا عدم الإطلاق. هذا لو افترض ان الإطلاق أمر وجودي أو مطعم به وان فرض انه مجرد عدم التقييد فلا موضوع لاستصحاب عدم الإطلاق بل المستصحب عدم التقييد ولو بنحو العدم الأزلي على ما يأتي في بحث الدوران بين الأقل والأكثر.
ومنها ـ إذا كان الأثر المطلوب مترتبا على الإباحة بعنوانها فانه سوف يترتب بإجراء أصالة الحل والبراءة دون استصحاب عدم التكليف.
وفيه : ان الاستصحاب يمكن إجراؤه في الإباحة الثابتة قبل الشرع أو قبل البلوغ