لا تعارض إذ يجري عندئذ استصحاب عدم الجعل الزائد دون استصحاب بقاء المجعول لعدم الشك في بقاء ما هو الحكم بالحمل الشائع ، وهذا يعني انه لا بد من تحكيم أحد النظرين دائما ولا يعقل تحكيم كليهما ـ كما فعل الأستاذ ـ فانه تهافت.
لا يقال : لما ذا لا نحكم كلا النظرين ونجري الاستصحابين معا أحدهما بالنظر الحقيقي الدقي والآخر بالنظر الأولي العرفي فيتعارضان.
فانه يقال : التعارض انما يكون بلحاظ مدلول دليل الاستصحاب وشموله لليقين والشك بالبقاء في المقام وباعتبار التهافت بين النظرين ذاتا لا بد من جري دليل الاستصحاب على أحد النظرين وهو الّذي يساعد عليه العرف ولا إشكال في انه النّظر الأولي لا الشائع.
ان قيل : على هذا لا يجري استصحاب عدم الجعل عند الشك في أصل جعل حكم من الأحكام.
قلنا : بل يجري استصحاب عدم الجعل بمعنى المجعول الكلي أيضا فان الشيء المشكوك حرمته مثلا كشرب التبغ يجري فيه استصحاب عدم ثبوت الحرمة كمجعول شرعي لنفيه عنه كما يجري استصحاب بقاء المجعول لإثباته.
وأخرى : نبني في معنى استصحاب الحكم على التفكيك بين الجعل والمجعول بافتراض المجعول أو الاتصاف به امرا خارجيا حقيقيا ، وبناء عليه أيضا لا تتم شبهة المعارضة رغم فساد المبنى في نفسه لأننا نسأل عن ترتب المجعول حينئذ على الجعل حين تحقق موضوعه هل يكون شرعيا أو عقليا؟ فان قيل بالأول كان استصحاب عدم الجعل الزائد حاكما على استصحاب بقاء المجعول لا محالة فلا تعارض ، وان قيل بالثاني ـ كما هو الصحيح ـ فنسأل عن ان المنجز عقلا هل الجعل أو المجعول أو كل منهما أو مجموعهما وشيء منها لا ينتج التعارض ، لأنه ان قيل بان المنجز هو الجعل كما هو ظاهر كلامه في رد إشكال المحقق النائيني ( قده ) فلا معنى لاستصحاب بقاء المجعول إذ لا يترتب عليه التنجيز بنفسه وإثبات إطلاق الجعل به من الأصل المثبت ، وان قيل بان المنجز هو المجعول كما ذهب إليه المحقق النائيني ( قده ) في اشكاله على المعارضة فلا معنى لاستصحاب عدم الجعل إذ لا أثر له بنفسه ولا يمكن إثبات المجعول به ، وان قيل بان المنجز كل من الجعل أو المجعول جرى الاستصحابان بلا تعارض بينهما إذ يكون استصحاب