عدم الجعل الزائد نافيا للتنجيز من ناحية الجعل وهو لا ينافي التنجيز من ناحية المجعول الّذي يثبته استصحاب المجعول ، وان قيل بان المنجز مجموعهما كان الجاري استصحاب عدم الجعل الزائد من دون معارضة أيضا لأن استصحاب بقاء المجعول وحده لا يكفي في إثبات التنجيز بحسب الفرض والمركب ينتفي بانتفاء أحد اجزائه. وهكذا يتضح ان شبهة التعارض بين الاستصحابين لا تتم على شيء من المباني في فهم حقيقة المجعول ومعنى استصحابه.
ثم ان الاعتراض الّذي أوردناه على السيد الأستاذ من إيقاع المعارضة بين استصحاب عدم الجعل الزائد مع استصحاب عدم الإباحة (١) يمكن تسجيله عليه بناء على مبانيه بنحو لا يتم عليه الأجوبة التي ذكرها ، وتوضيح ذلك :
اما فيما يتعلق بالجواب الثالث من ان إيقاع التعارض بين الاستصحابات الثلاثة وتساقطها جميعا فجوابه : انه بناء على مبانيه المتقدم شرحها في تنبيهات العلم الإجمالي وملاقي الشبهة المحصورة من عدم سقوط الأصل المتأخر زمانا بالأصل المتقدم إذا لم يكن معلوما من أول الأمر سوف يبقى استصحاب بقاء المجعول سليما عن المعارض ، لأن استصحاب عدم الجعل الزائد يسقط مع استصحاب عدم جعل الإباحة بمجرد شك المجتهد بنحو الشبهة الحكمية في الجعل واما استصحاب بقاء المجعول فهو انما يجري بناءً على توهم التفكيك بين الجعل والمجعول ـ كما هو مبنى شبهة المعارضة ـ في زمان متأخر أعني زمان فعلية الموضوع في الخارج على ما شرحناه آنفا فلا وجه لسقوطه بالمعارضة مع تأخر زمان جريانه.
واما فيما يتعلق بالجواب الثاني من عدم التعارض بين استصحاب عدم الجعل الزائد واستصحاب عدم جعل الإباحة لعدم لزوم المخالفة القطعية العملية وعدم التنافي بينهما في المنجزية ، فيمكن ان يقال بأنه بناء على مبانيه من جعل الطريقية والعلمية في الاستصحاب وقيامه مقام القطع الموضوعي سوف يترتب أثر عملي ومخالفة قطعية في المقام حيث يلزم من جريان الاستصحابين جواز الإفتاء بعدم جعل الإلزام ولا الإباحة
__________________
(١) هذه المعارضة فرع القول بقيام الاستصحاب مقام القطع الموضوعي وعدم توقف قيامه مقام القطع الموضوعي على قيامه في المرتبة السابقة مقام القطع الطريقي في التنجيز والتعذير والا فليس للمستصحب أي أثر تنجيزي كما لا يخفى.