لأن أصل جعل تلك الأحكام وتشريعها في أول الشرع ثابت ولو بالإمضاء ، وكان السيد الأستاذ التزم بذلك من خلال البحث وجعله استثناء آخر من عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية.
وثالثا ـ لو فرض ان المجعول الإلزامي كالحرمة المراد استصحابه مما يعلم بعدم إباحته وانما يحتمل تبدله إلى الكراهة أو الاستحباب فاستصحاب عدم الجعل الزائد للإلزام يعارض باستصحاب عدم جعل الكراهة أو الاستصحاب لا محالة (١).
وفي خاتمة البحث عن التفصيل في جريان الاستصحاب بين الشبهات الحكمية والموضوعية تبقى نكات إضافية يجدر الإشارة إليها ضمن تنبيهات.
التنبيه الأول ـ أشرنا فيما سبق إلى ان السيد الأستاذ كان يرى في البداية عدم جريان استصحاب الحكم بمعنى المجعول حتى في الشبهة الموضوعية لمعارضته مع استصحاب عدم الجعل الزائد الشامل له وانما الّذي يجري هو الاستصحاب الموضوعي المثبت لأثر الحكم ، وهذا البيان غير تام وذلك :
أولا ـ انه مناف لمورد صحيحة زرارة حيث استصحب الإمام عليهالسلام فيها الطهارة عند الشك في حصول النوم ـ وهو شبهة موضوعية ـ ولم يستصحب عدم النوم فحتى لو فرض تمامية الشبهة لا بد من رفع اليد عنها وتقديم استصحاب المجعول على استصحاب عدم الجعل باعتباره مورد الصحيحة.
وقد أجاب السيد الأستاذ عن هذا الاعتراض عند ما وجهناه إليه بأن الصحيحة لا بد وان تحمل على محمل آخر على كل تقدير لأن المفروض حكومة الأصل الموضوعي على الحكمي باعتباره سببيا فلا يجري استصحاب المجعول في موردها سواء كان له معارض أم لا.
__________________
(١) لا يقال : هذا مبني على ان لا يكون المستفاد من أدلة تقييد الإباحة بعدم جعل الحرمة أو ورود النهي أخذه غاية للإباحة بالمعنى الأعم أي مطلق الترخيص والا أيضا كان استصحاب عدم جعل الإلزام الزائد حاكما عليه.
لأنه يقال : استصحاب عدم جعل الإلزام الزائد يثبت الترخيص بالمعنى الأعم لا الاستصحاب أو الكراهة بالخصوص فاستصحاب عدم جعلهما لا حاكم عليه.