العدل والظلم واما غيرهما فباعتبار انطباق أحدهما عليه يتصفان بالحسن والقبح. وعندئذ يقال بان الشك في الحسن والقبح يرجع لا محالة إلى الشك في العدل والظلم ومعه لا يمكن الاستصحاب لأن عنواني العدل والظلم من الحيثيات التقييدية حتى بنظر العرف.
وفيه : ما تقدم في بحوث القطع من أن قضيتي حسن العدل وقبح الظلم ليستا قضيتين أوليتين حقيقيتين بل هما مشيرتان إلى قضايا أولية قبلهما ، إذ ليس العدل الا إعطاء ذي الحق حقه والظلم سلب ذي الحق حقه فلا بد من فرض حق واستحقاق في المرتبة السابقة ، وهذا يعني انهما تجميع لقضايا أخرى قبلهما كقبح الخيانة والكذب وهتك المولى وحسن الصدق والوفاء وإطاعة المولى فيكون ثبوتهما لتلك العناوين والتي قد لا يرى العرف تقييديتها.
وهكذا يتبرهن عدم صحة التفصيل في الاستصحاب بين الأحكام الشرعية المستكشفة بدليل العقل العملي وبين غيرها.
وهذا ما ذهب إليه الشيخ الأعظم ( قده ) وتبعه عليه المحقق النائيني ( قده ) وقد أفاد الشيخ بان أول من تنبه إلى ذلك هو المحقق الخوانساري ( قده ) ولعل مقصوده ان أول من طبق ذلك على مفاد اخبار الاستصحاب وإلا فأصل التفصيل ثابت قبل ذلك ، وببالي ان المحقق في المعارج له كلام يشعر بهذا التفصيل حيث أفاد بان فرض عدم بقاء المستصحب اما يكون من باب احتمال عدم المقتضي أو وجود المانع والأول خلاف المفروض لأن الكلام بعد الفراغ عن وجوده والثاني معارض باحتمال عدمه فكأن فكرة الاستصحاب عنده منوط بإحراز المقتضي وكون الشك في الرافع.
وقد وقع البحث تمهيدا في المقصود من المقتضي والرافع بما لا فائدة مهمة في التعرض إليه بعد ما سيظهر من بطلان أصل التفصيل. من هنا نقتصر في تقرير هذا التفصيل على ما نقحه المحقق النائيني ( قده ) في بيان ضابطته وحاصله : ان الشيء إذا كان بحيث لو بقي هو وعمود الزمان لم يرتفع وانما يرتفع لحدوث حادث يؤثر عليه كان الشك في الرافع كالنجاسة الّذي لا ترتفع الا بمزيل وكالإنسان الشاب الّذي لا يموت