وقد أجيب عليه في كلمات المحقق النائيني ( قده ) بعبارة موجزة مبهمة هي ان الآثار الشرعية الطولية إذا كانت كلها شرعية أو عقلية أي من سنخ واحد كان أثر الأثر أثرا لذلك الشيء أيضا ، واما إذا لم تكن من سنخ واحد فلا يكون أثر الأثر أثرا لذلك الشيء. وهذا الكلام لا يفهم له وجه ما لم نرجعه إلى معنى اخر بعيد عنه جدا سيأتي التعرض له.
والصحيح في دفع هذا الإيراد بنحو ينسجم مع مباني أصحاب مسلك التنزيل وجعل الحكم المماثل ان يقال : بان الأثر الشرعي المترتب على الأثر المباشر يثبت بالتنزيل أيضا لأن إثبات الأثر المباشر الظاهري كان مرجعه إلى تنزيله منزلة الأثر المباشر الواقعي وهذا يستتبع ثبوت الأثر الشرعي الثاني تنزيلا والا لم يكن الأثر الأول مماثلا للواقع وهكذا.
وان شئت قلت : ان دليل تنزيل الأثر المباشر يدل على انه مماثل للأثر المباشر الواقعي وانه كأنه هو ، وهذا ليس مجرد تشبيه ادعائي بل مرجعه إلى التنزيل المولوي وتشبيه صادر من المولى بما هو مولى أي تنزيله منزلته في آثاره وأحكامه أيضا ، فيكون مفاد دليل الاستصحاب منحلا إلى تنزيلات عديدة يكون المرتب في كل واحد منها الأثر المباشر (١).
وقد يناقش هذا البيان بوجهين :
الأول ـ ان التنزيل الظاهري ليس الا بمعنى ترتيب أثر على المنزل يعتبر انه من سنخ الأثر الواقعي في ترتيب آثاره سواء كان مماثلا معه واقعا أم لا ، وهذا الاعتبار معقول حتى إذا كان الأثر عقليا وذلك يوجب ترتب كل الآثار الشرعية على الاستصحاب
__________________
(١) هذا انما يتم إذا كان الدليل يتضمن بيان ان الحكم الظاهري المجعول مماثل للحكم الواقعي أو مشابه له ليتمسك بإطلاق المماثلة مثلا لترتيب آثاره أيضا ، الا ان هذا ليس مستبطنا في مسلك جعل الحكم المماثل أو التنزيل فانه لا يعني ذلك وانما يعني النّظر إلى حكم المنزل عليه وإسراؤه واقعا أو ظاهرا إلى المنزل فينتزع عن ذلك المماثلة أو التنزيل ، وهذا يعني ان التنزيل والمماثلة في طول مقدار نظر الدليل إلى الآثار وإسرائها إلى المنزل فإذا فرض ان الدليل ينصرف عن النّظر إلى غير الأثر المباشر فلا معنى لأن يستفاد إطلاق النّظر والإسراء عن إطلاق التنزيل والمماثلة ، وبعبارة أخرى : ان هذا الانحلال في المقام ليس من قبيل الانحلال في عقد الموضوع لدليل حجية الخبر الشامل للاخبار مع الواسطة الّذي هو انحلال على القاعدة وانما هو انحلال وتوسعة في عقد المحمول والحكم المجعول به وهذا انما يكون في طول إطلاق التنزيل والنّظر فمع فرض عدم الإطلاق فيه لا وجه لاستفادة الانحلال المذكور.