وقد يفرض القطع بارتفاع الحكم الظاهري فلا يجري استصحابه كما إذا شك في كرية الماء بعد نقصان شيء منه بمقدار قليل يتسامح فيه العرف فيجري استصحاب الكرية على المشهور ، فلو فرض استمرار النقصان حتى يبلغ درجة لا يتسامح فيها العرف بل يرى انَّ هذا الماء غير ذلك الماء الّذي كان كرّاً يقيناً فهنا لا يجري استصحاب الكرية الواقعية ولكنه قد يقال بجريان استصحاب الكرية الظاهرية الثابتة قبل قليل ـ ولو بمعنى أحكام الكرية المترتبة ظاهراً لأنَّ المقدار الناقص بلحاظ زمان الكرية الاستصحابية ليس فاحشاً فلا يوجب تبدل الموضوع عرفاً إذا لاحظنا موضوع الكرية الاستصحابية وإن كان بلحاظ موضوع الكرية الواقعية قد تبدل الموضوع فيجري استصحاب الكرية الظاهرية.
ولكن الصحيح عدم جريانه للقطع بارتفاع الكرية الظاهرية التي كانت ثابتة قبل دقائق ، إذ المفروض عدم جريان استصحاب الكرية الواقعية فما كان ثابتا بعنوان الكرية الاستصحابية لا يحتمل بقاؤه فكيف يستصحب (١).
ويقصد به التعبد ببقاء الجامع بين فردين من الحكم أو الجامع بين شيئين خارجيين إذا كان له أثر عملي.
وقد وقع النقاش في جريان الاستصحاب فيه تارة في أصل جريانه ، وأخرى في
__________________
القضيتين بل لا بدَّ من إجراء الاستصحاب : لحاظ الحكم الواقعي الثابت حدوثاً وهذا يتوقف على أَن يكون الأصل الجاري بلحاظ الحدوث تنزيلياً ليترتب عليه التعبد الاستصحابي اما باعتبار انَّ موضوعه واقع الحدوث وقد أحرزه الأصل التنزيلي أو باعتبار قيامه مقام القطع الموضوعي والأصل السببي بلحاظ حكمه المسبب عنه تنزيلي لأنه يثبته بحسب الفرض. ولو فرضنا جريان الاستصحاب في الحكم الظاهري فلا فرق بين ثبوته في مرحلة الحدوث بالأمارة أو بالأصل في الصور الأربع فلا وجه للتفصيل بين المقامين.
الثاني ـ انَّ موارد الشك في البقاء بنحو الشبهة الموضوعية يجري فيها دائماً استصحاب موضوعي بلحاظ الحكم الواقعي وهو استصحاب عدم تحقق الموضوع الناقض كملاقاة الدم في المثال وأركان الاستصحاب من اليقين الوجداني بالحدوث والشك في البقاء تامة فيه.
(١) الكرية الاستصحابية الظاهرية بعنوان الكرية الاستصحابية للواقع وإن كان غير محتمل البقاء ولكنه بعنوان الكرية الظاهرية أعني مطلق الحكم الظاهري أو روحه محتمل البقاء والمفروض عدم تبدل الموضوع فيه فيجري الاستصحاب بناءً على جريانه في الحكم الظاهري.