مولويته ذاتاً سواء ثبت حكمه من خلال المرسل بشريعة أم لا فتكون أركان الاستصحاب تامة فيه حينئذ (١).
ارتكز في الذهن الأصولي انَّ المستصحب لا بدَّ وأَن يكون حكماً شرعياً أو موضوعاً لحكم شرعي ليكون امر جعله ورفعه بيد الشارع فيرجع التعبد به إلى جعل ذلك الحكم والأثر الشرعي ، وانطلاقاً من ذلك نلاحظ انَّ الاعلام كثيراً ما يناقشون في التمسك بالاستصحاب في بعض الموارد بانثلام هذا الشرط وانَّ المستصحب ليس حكماً ولا موضوعاً لحكم شرعي ، ومن جملة الموارد التي لوحظ عليها ذلك إجراء الاستصحاب في متعلقات الأحكام كاستصحاب الطهور أو الاستقبال أو غير ذلك فانها ليست موضوعاً للحكم الشرعي ولا حكماً شرعياً بل فعل خارجي يصدر من المكلف يتحقق به الامتثال.
وقد ذكر المحقق الخراسانيّ هذا الإشكال ضمن بحوث الأصل المثبت المتقدمة إلاّ انَّ الأجدر جعله بحثاً مستقلاً ، لأنَّ منشأ الإشكال في استصحاب متعلقات الأحكام ما أشرنا إليه وليست المثبتية على وجه التحديد كما سوف يظهر.
ويمكن أَن يستخلص من مجموع ما قيل أو يمكن أَن يقال في حل هذا الإشكال أجوبة ثلاثة :
الجواب الأول ـ ما أفاده المحقق الخراسانيّ ( قده ) من انَّ متعلقات الأحكام أيضاً تكون موضوعاً للأثر الشرعي ولكنه أثر وضعي هو الشرطية والجزئية والمانعية لا تكليفي ، ولا يقدح في ذلك كون الشرطية أو المانعية منتزعة عقلاً وليست مجعولة ابتداء وأصالة من قبل الشارع فانه يكفي كونها منتزعة من الحكم الشرعي فيكون أمر وضعها ورفعها بيد الشارع من خلال وضع أو رفع منشأ انتزاعها.
وقد يلاحظ على هذا الكلام بأنَّ متعلق الحكم كالقبلة مثلاً ليس موضوعاً للحكم الوضعي كالشرطية أيضاً ، فانَّ شرطية القبلة في الصلاة ثابتة لطبيعي الصلاة
__________________
(١) بالإمكان إيراد اعتراض آخر على استصحاب عدم نسخ حكم شريعة سابقة هي احتمال كون الحكم مجعولاً فيها على نهج القضايا الخارجية المحدودة بتلك الفترة والأمة والشريعة لأنَّ تلك الشرائع كانت مرحلية ولم تكن كشريعتنا خاتمة ودائمة ومعه لا يحرز وحدة الموضوع للحكم المستصحب على ما تقدم في تقريب أصل جريان استصحاب عدم النسخ.