الأضيق دائرة ومجهول التاريخ هو الأوسع فلا يجري استصحاب عدم معلوم التاريخ إلى واقع زمان مجهول التاريخ.
لا يقال : انَّ الشك في انتقاض اليقين باليقين غير معقول لأنَّ اليقين والشك امران وجدانيان حاضران لدى النّفس فلا معنى للشك فيهما إلاّ في حالات الوسوسة والخروج عن المتعارف.
فانه يقال : هذا خلط بين المتيقن والمشكوك بالذات والمتيقن والمشكوك بالعرض ، فانَّ الّذي لا يعقل الشك فيه انما هو انتقاض العنوان الّذي تعلق به اليقين والشك حقيقة وذاتاً وامّا مطابقه الخارجي أي المعلوم بالعرض فيعقل الشك فيه ، وذلك فيما إذا كان هناك عنوانان وكان الحكم بلحاظ أحد العنوانين معلوماً وبلحاظ العنوان الآخر مشكوكاً لاحتمال انطباق ذلك العنوان الأول عليه وعدمه ، كما إذا علم بموت ابن زيد وشك في موت أبو عمرو من باب احتمال أَن يكون أبو عمرو هذا بنفسه المكنى بابن زيد فانه هنا وان كان المتيقن بالذات وهو عنوان ابن زيد غير المشكوك بالذات وهو أبو عمرو قطعاً إلاّ انَّه بلحاظ المتيقن والمشكوك بالعرض يشك في وحدتهما لا محالة فكذلك المقام بعد أَن كان الميزان واقع الزمان أي الزمان الحقيقي لا الإضافي النسبي.
بقي علينا أَن نشير إلى انَّ ما اخترناه وان كان قريباً جداً من القول الثالث الّذي ذهب إليه صاحب الكفاية ( قده ) غير انه قد فسّر موقفه واستدل عليه بتعبير آخر حاصله : انَّ الاستصحاب لا يجري في مجهولي التاريخ لعدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين.
وقد اختلف المفسرون والمحققون في تفسير هذا الكلام ، فيكون في كلامه احتمالات وتفسيرات.
أحدها ـ ما نحتمله نحن من أَن يكون مقصوده ما ذكرناه من احتمال نقض اليقين باليقين رغم انَّ عبائره لا تطابق ذلك ، كما انه بناء عليه كان ينبغي التفصيل في مجهولي التاريخ بين الحالتين اللتين فصلنا بينهما.