موضوع دليل المحكوم لنفيه أو إثباته تعبداً لا يكون منافياً مع الدليل المحكوم لأنَّ الدليل لا ينظر إلى عقد موضوعه بل ينظر إلى إثبات الحكم على تقدير تحقق الموضوع (١) غير سديد ، فان الدليل المحكوم وان كان يثبت الحكم على تقدير تحقق الموضوع إلاّ انَّ الموضوع هو الفرد الحقيقي لا التعبدي فيكون محفوظا في مورد الدليل الحاكم ، وقد شرحنا ذلك مفصلاً في بحوث التعارض.
الثاني ـ القرينية النوعية ـ بأَن لا يكون تفسير أحد الدليلين للآخر على أساس أعداد شخصي من قبل المتكلم نفسه بل على أساس جعل وأسلوب عرفي عام كتخصيص العام بالخاص ، ومقتضى عرفية المتكلم متابعته للعرف في ذلك فيثبت بأصالة المتابعة كون المتكلم قد أعد القرينية لتفسير ذي القرينة غير انَّ إعداده لذلك منكشف بكاشف نوعي لا شخصي كما هو الحال في الحكومة ، وبهذا يتبين انَّ ملاك تقدم القرينة على ذي القرينة والجمع العرفي نفس ملاك تقدم الحاكم على المحكوم حقيقة ، لأنَّ مجرد كون الكاشف عن نكتة التقدم شخصياً أو نوعيا لا يغير من جوهرها ، نعم حيث انَّ التفسير المباشر من قبل شخص المتكلم يكون اقرب إلى الواقع وأضمن كانت الحكومة أقوى من التخصيص وسائر وجوه الجمع العرفي ومقدمة عليها ، ثمَّ انَّ القرينية النوعية قد تكون في مرحلة المدلول التصوري للكلام ، وقد تكون في مرحلة المدلول الاستعمالي ، وقد تكون في مرحلة المدلول التصديقي الجدي ، وتفاصيل هذه الشقوق وأحكامها متروكة إلى محلها من بحوث التعارض.
وعلى ضوء هذه النكات الأساسية لتقديم أحد الدليلين على الآخر نورد البحث في مقامين :
المقام الأول ـ في تقدم الأمارات على الأصول العملية.
المقام الثاني ـ في النسبة بين الأصول العملية بعضها إلى بعض.
هناك اتجاهان رئيسيان في تقديم الأمارات على الأصول العملية ، اتجاه يقول
__________________
(١) مصباح الأصول ، ج ٣ ، ص ٢٥٤