جواز اسناد المستصحب إلى المولى مع العلم بكون أحدهما كذباً وتشريعاً فنقع في المخالفة القطعية.
إلاّ انَّ هذا مضافاً إلى عدم تمامية مبناه الأصولي ولا الفقهي غاية ما يقتضيه تساقط الاستصحابين بلحاظ أثر جواز الإسناد الموضوعي دون الآثار الطريقية وقد تقدم شطراً من الكلام عن ذلك في بحوث سابقة.
المقام الثالث ـ فيما إذا وقع التنافي بمعنى التزاحم بين الأصلين في مرحلة الامتثال من دون تناف بينهما في أصل الجعل كما إذا استصحبنا وجوب الصلاة ووجوب الإزالة مع عدم القدرة على الجمع بينهما.
وقد أفادت مدرسة المحقق النائيني ( قده ) انه لا تعارض في المقام بين الاستصحابين ولا يسري التنافي إليهما لأنه من باب التزاحم الّذي لا يسري فيه المنافاة إلى الحكمين أصلاً ، وهذا يعني ان نفس ما يقال في الحكمين الواقعين عند التزاحم بينهما يقال أيضاً في حق الحكمين الظاهريين فكما ان الحكمين الواقعيين موضوعهما القادر والّذي يثبت في مورد التزاحم بدلاً لا جمعاً ويكون صرف القدرة في كل منهما رافعاً لموضوع الآخر كذلك الحال في الحكمين الظاهرين.
وروح هذا الكلام وان كان صحيحا عندنا ولكنه على تصورات هذه المدرسة والتي ترى المنجز عقلاً فعلية المجعول لا الجعل والقضية الحقيقية الشرطية وترى المجعول كأنه امر خارجي لا بد من تطبيق دليل الاستصحاب عليه لا بدَّ من ان يكون مصب الاستصحاب هو المجعول الفعلي فيكون بينهما تناف لا محالة بمعنى انه لا يجري إلاّ أحدهما وامَّا الآخر فيعلم بانتفائه امَّا لانتهاء أمده أو لارتفاع موضوعه بالاشتغال بالآخر.
وبهذا نختم البحث عن النسبة فيما بين الأصول العملية وقد رأينا حذف جملة من البحوث المتعلقة بقواعد فقهية كقاعدة الفراغ والتجاوز وأصالة الصحّة لعدم ارتباط لها بمباحث هذا العلم وانَّما تطلب من مظانّها في علم الفقه ، وبذلك ينتهي مبحث الاستصحاب.
والحمد لله ربّ العالمين.